منذ مدّةٍ ليست بالبعيدة كان الحراك الفروسي على أشدّه ، ربما لم تكن الإنجازات مُدوّية ، بل ربما أن صوت الشغب الفروسي و ثورات منسوبيه التي لا تهدأ كانت ذات الصدى الأعلى ، و بالرغم من هذا و ذاك كان للفروسيّة ذاك البريق و تلك الكاريزما الخاصّة . مازالت البطولات تُقام و مازال الفرسان يجوبون الميادين ذهاباً و إياباً يقفزون حاجزاً و يُسقطون آخر ، حتّى أننا بتنا نتوّج فارسين عن الكأس الواحدة ، إلّا أنّه لم يعد الصخب الفروسي كما عهدناه ، كما لم تعد أقلامنا عطشى لفرط ما بلّلتها الوتيرة الراكدة . إنّ هذا التحول دون أدنى شك هو أمرٌ سلبي لما له من انعكاسٍ مباشر على الصورة العامة للفروسة خاصّة و أنّ تلك الصورة الجديدة تُجرّد الكيان الفروسي من أدواته و نقاط قوّته ، و تُفقده الكثير من فرص الإقدام و التقدّم بل إنّها لا تقتصر على هذا الضرر إنّما تتجاوزه لتكون أشبه بناقوس خطرٍ يُنذر بالتقهقر عن المستوى المقبول ، مما يجعل الوقوف على هذا الأمر و دراسة أسبابه و التنبّه لتبعاته ضرورة لا يجب أن نغفل عنها . ربما كانت كلمة السر في النظام الجديد الذي طرأ على الفروسية هذا العام و الذي وجّهت إليه تُهمة اغتيال شيء من الحماس و روح المنافسة لما اقترفه في حق تقسيم الفرسان مناطقيّاً ، و تلك الازدواجية التتويجية مع كل كأس و التي تدين بمعادلة زيادة الفرص في نيل الكأس مع محدوديّة المنافسين النوعية تُساوي قلّة الاستبسال في الحصول على مركز هو على الأغلب محصور في دائرة ضيقة ! أو ربما أنّ كلمة السر تكمن في الإحباط الذي تكبّدته الفروسيّة برمتها معنوياً و ماديّاً في ظل تعطيل الدور الفعلي لما سُمّي ببرنامج النخبة ،ومن يدري ربما كانت مفاتيح السر مع رئيس اتحاد الفروسية الذي سجّل غيابه عن المشهد الفروسي ( مع احتفاظنا بكامل التقدير لأسباب الغياب و فائق الاحترام للبديد الحاضر ) فارقاً ملحوظاً أخلّ ببوصلة الثقل القيادي الفروسي . على كل حال ، أيّاً كانت أسباب هذا التعطّل الفروسي فإنّ من واجب المسؤولين أن يقفوا عليها و يعيدوا صياغة المشهد الفروسي برمّته لإعادة الاتزان و إن كلّف ذلك التراجع عن بعض القرارات و التعديل على الخطط فالمرونة يجب أن تكون في مثل هذه الحالات سيّدة الموقف .