في الدول المتقدمة رياضيًا تلعب المدرسة والجامعة دورًا رئيسًا في صنع المواهب الرياضية وصقلها وإمدادها للأندية والمنتخبات الوطنية، فالطالب المدرسي أو الجامعي هناك ينتمي إلى منظومة تعليمية تعني بتغذية فكره وتنمية معرفته إضافة إلى بناء قدراته الجسدية التى تعينه – كما تؤكد الأبحاث والدراسات – على اكتساب العلم والمعرفة. حتى الطلاب الذين ليست لديهم رغبة في الالتحاق بالأندية الرياضية، عندما يتخرجون وينتقلون إلى الحياة العملية بقطاعها الحكومي أو الخاص، تجد أجسامهم سليمة ونظامهم الغذائي جيد وكل ذلك يتم تحت مظلة ثقافة سائدة في المجتمع عنوانها (العقل السليم في الجسم السليم). أما لدينا فالصورة بعيدة عن ذلك تمامًا، فالرياضة في المدرسة تُختزل في حصة (تربية بدنية) تُمارس مرة أو ربما مرتين فقط في الأسبوع وتُقدّم بطريقة تفتقد إلى المنهجية كونها بالنسبة لعرفنا الدراسي ما هي إلا تعبئة فراغ وتقضية وقت فضلًا عن قلة الميادين وندرة الملاعب في كثير من المدارس. ولأن الجامعة امتداد للمدرسة فالحال لا يتغير عندما يلتحق الطالب بالجامعة، فنادرًا ما تجد الكليات تهتم بالأنشطة الرياضية، وإن وجد الاهتمام كما يحدث في عمادات شؤون الطلاب فما هو إلا أمر يتبناه القليل ويستنكره الكثير الذين يرون في فهم خاطئ أن الجامعة للتعليم والتعليم فقط. كل هذه المعاناة التي يعانيها طلابنا الأعزاء فلا يجدون مكانًا يمارسون فيه هواياتهم الرياضية المفضلة إلا الحارة وملاعبها غير المؤهلة لاحتضان وصقل ومواهبهم، أقول كل هذه المعاناة قد تذهب بعد إنشاء (الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية) بتوجيه كريم من وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل. وبلاشك فإن حجم التطلعات والأماني من إنشاء هذا الاتحاد كبير جدًا، فنحن في حاجة ماسة إلى تطوير الحركة الرياضية في السعودية بشكل عام والمدارس بشكل خاص، سيما وأن توقيت إنشاء الاتحاد جاء متزامنًا مع بدء إنشاء المدن الرياضية المتعددة في السعودية وفقًا للمكرمة الملكية الكريمة وإعلان تكوين عدة أندية رياضية جديدة في مختلف أنحاء البلاد، وبالتالي يأتي الاتحاد بأهدافه وطموحاته لدعم هذا التوجه البناء. الجميل أيضًا في بشرى إنشاء هذا الاتحاد هو إقرار الرياضة المدرسية للبنات وبالتالي قدرتهن على ممارسة الرياضة وفق ضوابط ومعايير لا تتعارض مع قيمنا الدينية ومبادئنا الاجتماعية. إننا في حاجة فعلية إلى تغيير ثقافتنا السلبية تجاه ممارسة الرياضة في المدرسة، ولعل إنشاء الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية هو أحد أهم الحلول لتحقيق ذلك في خطوة يجب أن يتفاعل معها الجميع من أولياء أمور ومعلمين وكل من هو منتسب لقطاع التربية والتعليم، حتى تصبح البيئة التعليمية في السعودية حاضنة للنشاط الرياضي كما يجب ويليق بحاضر نهضة الدولة ومستقبلها، وهو أمر سيكون له أثرًا إيجابيًا كبيرًا على الرياضة السعودية بشكل عام في المستقبل القريب. تويتر AliMelibari@