عندما يقول لاعب يمثل أحد أكثر المنتخبات وأكثر الأندية عراقة في تاريخ اللعبة، لاعب يسجل أربعة أهداف في مباراة واحدة ضمن مسابقة دوري أبطال أوروبا إنه لن يكون يوما بمستوى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، فهذا الأمر يظهر مدى تواضعه. إنه ماريو جوميز الذي اصبح خلال الموسم المنصرم صاحب أسرع رباعية في تاريخ دوري أبطال أوروبا بعد أن سجل أهدافه الاربعة في غضون 23 دقيقة من مباراة فريقه بايرن ميونيخ مع بازل السويسري (7-0) في اياب الدور ثمن النهائي، معادلا انجاز الكرواتي دادو برشو الذي سجل رباعيته ايضا في غضون 23 دقيقة خلال مباراة موناكو مع ديبورتيفو لا كورونيا الاسباني (8-3 في دور المجموعات) في تشرين الثاني/نوفمبر 2003. أصبح جوميز في اذار/مارس الماضي أول لاعب الماني يسجل رباعية في مباراة واحدة ضمن المسابقة، لينضم إلى نخبة من النجوم الكبار الذين حققوا هذا الانجاز وبينهم الهولنديان ماركو فان باستن (مع ميلان الايطالي ضد جوتبورج السويدي عام 1992) ورود فان نيستلروي (مع مانشستر يونايتد الانجليزي ضد سبارتا براج التشيكي عام 2004) والارجنتيني ليونيل ميسي (مع برشلونة الاسباني ضد ارسنال الانجليزي عام 2010). لكن هذا الانجاز لم يجعله يبالغ في تقييمه لنفسه وأن يقارن نفسه بنجم برشلونة ميسي: "إنه لاعب مختلف تماما عني، لا أراه كنظير لي، بل أراه كاللاعب المطلق"، هذا ما قاله جوميز حينها. ولم يخرج "سوبر ماريو" عن تواضعه المعتاد حين سجل الأهداف الثلاثة لمنتخب بلاده في كأس أوروبا المقامة حاليا في اوكرانيا وبولندا في مرمى البرتغال (1-0) وهولندا (2-1)، اذا أكد أن نجاح المانيا يحل أمام أي طموح شخصي "أريد الفوز بالبطولة لا أن أصبح هدافها"، هذا ما قاله جوميز ، مضيفا "هذا هو هدفي الوحيد". كان جوميز عرضة لانتقادات وسائل الاعلام الألمانية رغم أنه كان بطل المباراة الأولى أمام البرتغال. "كان هدفا هاما لي لأني لم اوفق في كأس أوروبا 2008 وكأس العالم 2010، لذا كنت سعيدا لرد الجميل للمدرب". لكن خلال الشوط الأول من مباراة البرتغال تعرض جوميز لانتقاد عنيف من لاعب وسط المانيا السابق ومساعد مدرب بايرن ميونيخ (فريق جوميز) الحالي محمد شول الذي قال إنه لم يسبق له "رؤية جوميز يركض أقل" ومازح بأنه "خائف عليه من القروح" لحركته المعدومة على أرض الملعب. وكان جوميز دبلوماسيا للغاية لدى سؤاله عن انتقادات شول: "بايرن عائلة كبيرة، وكل عضو يملك رأيه الخاص، أنا ومحمد نتمتع بعلاقة حب-كراهية، قال لي مرة أنه يعرف باني أملك طاقة كبرى وأنه يريد استخراج الأفضل مني، لم اعتقد أنه هجوم، هو في جهاز بايرن التدريبي الآن، وعلي أن أتعلم مما يقوله كي أكيّف طريقة لعبي مع ذلك". وتابع: "لا توجد حاجة ماسة لتغيير طريقة لعبي، في العامين الأخيرين لعبت كرة حديثة في دوري الأبطال وسجلت الكثير من الأهداف، فلماذا عليّ التغيير؟". وعلى رغم تسجيله 41 هدفا لبايرن بينها 4 في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، لا يملك جوميز صورة ناصعة لدى الاعلام الألماني لتألقه النادر مع ال"مانشافت". لكن المهاجم البالغ من العمر 26 عاما والذي سجل 25 هدفا في 54 مباراة دولية مع "مانشافت"، رفض الرضوخ للضغوط والتشكيك وأكد أنه يستحق مركزه في المنتخب على حساب المخضرم ميروسلاف كلوزه أو الشابين ماريو جوتسه وماركو رويس، حين سجل هدفي المباراة الثانية أمام هولندا، والاول جاء باسلوب فني رائع لا يتمتع به عادة مهاجمون من نوع جوميز، اي الذين يستفيدون من الجهود الفردية لزملائهم في خط الوسط أو الهجوم من أجل أن يضعوا الكرة داخل الشباك دون عناء. "لم يكن الوضع جيدا بالنسبة لي (بعد مباراة البرتغال)، فزنا وسجلت الهدف الوحيد ضد فريق قوي، اعتقدت بأني ساحظى بالدعم من جميع الجهات، لكن الوضع لم يكن كذلك لسوء الحظ، ومن المؤكد أنك كشخص تتأثر بالانتقادات"، هذا ما قاله جوميز الذي أشار إلى لأنه حظي بدعم مدربه يواكيم لوف، مضيفا "لم أكن أركض في ارضية الملعب كالاخرق (امام البرتغال) لكني تحدثت مع المدرب حول هذه المسألة وقال لي بان لا أقلق وباني قدمت أداء جيدا". وواصل "عندما تواجه الكثير من الضغوط وعندما تشعر بأن الجميع يراقب كل خطوة تقوم بها، فهذا الأمر يجعلك تلعب دون الحرية التي تأمل ان تتمتع بها". وأمل جوميز ان يتمكن المنتخب الألماني من الفوز بالبطولة القارية بعد أن كان قاب قوسين او ادنى من الظفر بها عام 2008 لكنه خسر أمام أسبانيا في النهائي، وبعد أن وصل الى نصف نهائي مونديال جنوب أفريقيا قبل أن يخسر على يد المنتخب ذاته، مضيفا "كنا قريبين (من اللقب) في كل بطولة، آمل أن يكون الوقت قد حان بالنسبة لنا، لكننا لم نفز سوى بمباراتين في دور المجموعات ولم نحقق أي شيء حتى الآن".