منذ عام 1996 وبعد أن حقق منتخبنا الوطني كأس آسيا للمرة الثالثة في تاريخه بعد فوزه على الإمارات بركلات الترجيح، منذ ذلك العام ومنتخبنا يترنح، يفوز لكنه لا يطرب ولا يلعب، استمر الترنح بلا اعتراف، واستمرت المكابرة حتى جاء السقوط مدويا. في واحدة من المباريات التالية لذاك التاريخ تغلبنا على الكويت، وأسرفت في استفزاز صديقي الكويتي لاعب المنتخب الأزرق، فقال لي: أنتم لا تلعبون جيدا، لكنكم تفوزون بالهيبة فقط، وهذا لن يستمر طويلا. كان ردي أننا تعبنا كثيرا في صنع هذه الهيبة، كنا نلعب جيدا ولا نفوز بالبطولات، ندخل إلى معترك كأس الخليج في كل مرة ونحن المرشحون ولا نفوز في النهاية، وآن لنا الآن أن تخدمنا الهيبة بعد أن خذلتنا البدايات. الهيبة في كرة القدم تصنعها البطولات والجماهير ويرددها الإعلام، وأعتقد أن الجيل أي جيل صنع الهيبة بأول بطولة أو بطولات له نصيب فيما تلاها من إنجازات، فالبدايات أصعب مما يليها، وصنع الهيبة أصعب من لبس ردائها. تذكرت تيك المناقشة، وصديقي الهلالي يتحدث عن مباراة فريقه غدا ويقول: أمام الأهلي تنتصر قمصان الأزرق لو وضعناها على مشاجب وسط الملعب، وأكمل الرجل الثلاثيني: منذ أن عرفت الكرة لا ينتصرون علينا ولا أتذكر أنهم توجوا ببطولة أمامنا، ولا أتذكر أنهم أخرجونا في مباراة خروج مغلوب إلا مرة واحدة ولها ظروفها. لم أراجع التاريخ الثلاثيني للتأكد من معلوماته، لكني أثق بأن للهلال كعبا عاليا على الأهلي في مواجهتهما الثنائية تحت أي معترك، وأؤمن بأن الأزرق تعب كثيرا لترسيخ هذه الهيبة أمام كل منافسيه وليس الأهلي فقط، لكن يا هلال، أهلي اليوم يختلف جدا عن أهلي أمس، وأنت لست أنت. إذا أراد الهلال الفوز غدا على الأهلي، عليه أن ينسى الماضي بحلوه، والاعتراف بأن الأزرق حاليا يشكو الوهن وحضوره الفني ناقص عن ذي قبل، وأن في جسده ثقوبا لم تكن في سالف أيامه وأن بين جدرانه ما بينها، فالثقة تبدو مهتزة بين الجهاز الفني والإداري وهو ما انعكس على اللاعبين، فأصبحت الحال لا تسر الهلاليين أنفسهم. في الأهلي، يبدو الفوز في متناول اليد فنيا، وهو ليس كذلك نفسيا، وإذا أراد الخضر الفوز، عليهم الإيمان بقدراتهم، وأنهم أفضل حالا من الهلال، وأنهم لن يجدوا فرصة ماثلة للانقضاض على أزرق الرياض كما هي غدا، وأن هيبة الهلال لا تهز الشباك ما لم تسكنهم هذه الهيبة وترتعد فرائصهم فتكثر أخطاؤهم الفردية ويقعون أسرى الهيبة. أزعم أن مباراة الغد لن تكون التحضيرات الفنية العامل الأقوى تأثيرا فيها، وأذهب إلى أن الإعداد النفسي سيحدث الفارق. يملك الهلال سطوة وهيبة، ويملك الأهلي استعدادا فنيا، ومن سيركز أكثر على عوامل تفوقه ستكون له الغلبة، ولا أعتقد أن الفريقين سيفكران في مباراة الرد، بل سيسعيان لقطع شوط كبير إلى الختام، والفائز منهما يعي جيدا أن مباراتهما هي الأصعب وهي نهائي قبل النهائي.