عادت المنافسة بين النصر والهلال من جديد بعد أن توارت عن الأنظار، سواء بفعل فاعل أو بفعل مؤثرات بعيدة عن الفريقين، حيث تغيرت خارطة المنافسة على البطولات السعودية في السنوات الاخيرة، واتسعت معها رقعة الأندية التي تسعى لحصد الألقاب، بعدما كان التنافس محصوراً بين قطبي العاصمة الرياض لسنوات طويلة. الصراع احتدم بين الفريقين مجدداً بعد نهوض النصر من سباته العميق وأدرك أنه بالإمكان العودة لأمجاد زمان وعدم الاكتفاء بالبكاء على أطلال البطولات، والزمن الجميل الذي سطر فيه إبداعا على مدار 60 عاماً مضت، لكن التنافس عاد هذه المرة بشكل مغاير تماماً، حيث لم يسمح الفريقان لأي طرف ثالث بالدخول على الخط، وحصرا الاثارة والتشويق بينهما بمرور نصف الموسم واقتراب البطولات من خط النهاية، سواء كان بطولة كأس ولي العهد أو الدوري. بعد التنافس بين الأزرق والأصفر والمطاردة المستمرة ولعبة الكراسي الموسيقية بين الفريقين في دوري جميل، تكرر المشهد في كأس ولي العهد بعدما وصل الفريقان إلى نهائي المسابقة للمرة الثانية على التوالي، وأصبح لا صوت يعلو على صوت أم المعارك الكروية، وغطت على مواجهات الدوري التي تسبق النهائي رغم أهميتها لكليهما. المثير في الأمر أن الصراع بين النصر والهلال لم ينحصر هذا الموسم داخل حدود الملعب فقط، بل تخطاه لصراع أكثر إثارة وسخونة بين جماهير الفريقين في المدرجات، حيث عكف الجمهور هنا وهناك على ابتكار العديد من التقليعات للفت الأنظار والتفوق بها على المعسكر الآخر.. في البيت الأصفر ينتظر الجمهور على أحر من الجمر دق الدفوف، معلنين الأفراح النصراوية بقطف أولى الثمار، وما أن ينطلق قطار السعادة النصراوية بعد إصلاح محركاته التي تعطلت لسنوات طويلة فلن يستطيع أن يوقفها أحد مهما كانت براعته على الأقل خلال العامين المقبلين، لأن النصر بات يملك فريقا شابا قادرا على المنافسة لسنوات، ووراءه جمهور صامد وليس صامتا يحرك الصخر بأهازيجه. وفي الضفة الأخرى يملك الهلال شعبية طاغية، شكلت العلامة الأبرز في مسيرة الفرق في السنوات الماضية وكانت الرقم واحد في كل المباريات والبطولات التي لعبها وحققها الزعيم. هناك صراع ثالث بين الفريقين وصل لأوجه هذا الموسم، لكنه لم يصل فوهة البركان، وهو الصراع القديم الجديد بين الإعلام الأصفر والإعلام الأزرق، فالأول يقول إنه لا يجد المساحة للدفاع عن مصالح فريقه، إلا أنه موجود ويملأ الفضائيات لا سيما في هذا الموسم في ظل الانتصارات النصراوية، بينما الإعلام الأزرق موجود وبكثرة ويدافع باستماته عن مصالح الهلال. ما يميز إعلام النصر وجمهوره أيضا هذا الموسم أنه ترك الانشغال بالآخرين، وأصبح النصر شغله الشاغل، كما أن لغة خطاب الإعلام النصراوي تغيرت هى الأخرى وتبدلت بلغة جديدة، لا تهتم بالفلسفة، والآخر، وبدأت تتحلى بالواقعية واتسمت بمنطق الحاضر. هكذا تتلخص قصة الصراع ثلاثي الأبعاد بين الغريمين التقليديين، في النصر هناك لعب وضحك وجد وعشق.. بينما في الهلال هناك إصرار وعزيمة لتكملة المشوار. مقال للكاتب عيسى الجوكم- اليوم