يبدو ان الكرة الايطالية تتحضر لهزة جديدة بقوة الهزتين اللتين ضربتا ال"كالتشيو" عامي 1980 و2006 وهذه المرة تحت تسمية "كالتشيوكوميسي"، اي المراهنة على مباريات كرة القدم، عوضا عن فضيحتي "توتونيرو" التي تسببت بايقاف هداف مونديال 1982 باولو روسي لثلاثة اعوام ثم تخفيف العقوبة الى عامين وانزال ميلان الى الدرجة الثانية، و"كالتشيوبولي" التي ادت الى تجريد يوفنتوس من لقبيه في الدوري وانزاله الى الدرجة الثانية. ووصل الامر بالجمهور الايطالي الى حد السخرية من واقع اللعبة في بلاده نتيجة هذه الفضائح وتم تناقل هذه النكتة في الاونة الاخيرة: "خبر عاجل خاص ب+كالتشيوكوميسي+: لم يتم شراء مباراة فيتشنزا-كالياري عام 1964"، وذلك كاشارة على التشكيك بنزاهة الدوري منذ زمن طويل. اما بالنسبة للفصل الاخير من الفضائح في بلد ابطال العالم اربع مرات فالامر يتعلق بالمافيات المحلية والاجنبية واللاعبين المتورطين في التأثير على نتائج المباريات لتحقيق الربح في المراهنات. ولا يتعلق الامر بالمراهنة على الفوز بالمباريات او خسارتها بل بتحديد النتيجة ايضا وعدد الاهداف المسجلة، وذلك بحسب ما كشف مدافع اتالانتا اندريا ماسييو الذي دافع عن الوان باري الموسم الماضي، اذ ذكر انه تم التلاعب بنتيجة الاخير مع اودينيزي (3-3) من اجل ان تشهد المباراة ستة اهداف. وكان السلطات القضائية القت القبض على ماسييو صباح الثاني من نيسان/ابريل الحالي لانه من الفاعلين في قلب لعبة المراهنات، وقد انهاء في السجن ما دفعه الى كشف المستور وعن احتمال تورطه في شراء 9 مباريات لباري خلال النصف الثاني من الموسم الماضي. واعترف ماسييو على سبيل المثال انه سجل عن سبق الاصرار والتصميم هدفا في مرمى فريقه خلال لقاء الدربي مع ليتشي (صفر-2)، لكن هذه الفضيحة ظهرت الى العلن قبل ايقاف هذا اللاعب، وبالتحديد في حزيران/يونيو 2011 حين القت الشرطة القبض على قائد اتالانتا كريستيانو دوني الذي حظي في بادىء الامر بدعم جمهور فريقه قبل ان يتهم لاحقا ب"يهوذا". وخضع حينها اكثر من 20 لاعبا للتحقيق الذي تتولاه النيابة العامة في كل من كريمونا وباري، وكان دوني اول الذين جرموا فتم ايقافه لثلاثة اعوام ما انهى مسيرته الكروية، كما يبدو ماسييو في طريقه لنيل المصير ذاته والامر ذاته ينطبق على ماركو روسي الذي انتقل الى تشيزينا بعد ان كان مع باري. "انه امر مدمر"، هذا ما قاله رئيس الاتحاد الايطالي لكرة القدم جانكارلو ابيتي، مذكرا ان الفساد يشكل صلب اهتمامات رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني. ولم يبق الاتحاد الدولي "فيفا" بعيدا عن هذا الملف اذ ارسل بدوره مسؤول الامن فيه، كريس ايتون الى ايطاليا من اجل معرفة حقيقة هذه الفضيحة الجديدة التي تأخذ ابعادا دولية نظرا لارتباطها بعصابات خارجية، وهذا ما اشاره النائب العام في كريمونا، روبرتو دي مارتينو، باشارته الى وجود رأس لهذه العصابات في سنغافورة. وكان اتالانتا اول الفرق التي تدفع ثمن هذه الفضيحة من خلال تغريمه بحسم ست نقاط من رصيده لهذا الموسم، ومن المرجح ان يلقى ليتشي مصيرا مماثلا بسبب ما كشفه ماسييو وقضية الهدف الذي سجله عمدا في مرمى فريقه. وقد ذكر اسم نجم لاتسيو والمنتخب الايطالي سابقا جوزيبي سينيوري كاحد المتورطين بشراء المباريات، وذلك بحسب اعتراف المقدوني كريستيان ايلييفسكي الذي صنفته النيابة العامة في كريمونا كالمشتبه الاساسي في فضيحة "كالتشيوكوميسي". "نحن نشتري المعلومات ونراهن على اساسها، هذا كل ما في الامر"، هذا ما اعترف به ايلييفسكي مؤكدا ان هناك 30 لاعبا متورطا، 90 بالمئة منهم هم من الدرجة الثانية والقسم المتبقي من الدرجة الاولى. وكان التصريح الاكثر اهانة للكرة الايطالية حين قال ايلييفسكي بان "هذه الامور لا تحصل في انكلترا، لكن في ايطاليا...في غالب الاحيان يكون الاتفاق (على تعليب نتائج المباريات) بين اداريي الاندية بحد ذاتهم". ورغم حجم هذه الفضائح لم يتدخل الاتحاد الدولي حتى الان بشكل فعلي لانه ما زال منشغلا حتى الان بفضائحه الخاصة، وكل ما فعله هو توجيهه في كانون الثاني/يناير الماضي دعوة الى لاعب مغمور في احدى مسابقات دوري الدرجات الدنيا، لحضور حفل اختيار افضل لاعب في العالم لعام 2011، وهو سيموني فارينا وذلك تقديرا للدور الذي قام به حين ابلغ الشرطة بأنه تلقى عرضا بالحصول على 200 الف يورو للمشاركة في التلاعب بنتيجة مباراة في كأس إيطاليا بين فريقه غوبيو وتشيزينا في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. كما دعي فارينا ليصبح سفيرا لبرنامج الاتحاد الدولي "كرة القدم من اجل الامل".