تبقى لغة الأرقام حاسمة وملجمة لكل من يبحث عن المعلومة القاطعة وإغلاق باب التكهنات ولكن هناك شرط أساسي لقبول تلك الأرقام ويتمثل في موثوقية مصدرها وحياديته ذلك لان الأمر مرتبط بدقة متناهية وحساسية شديدة إذا ما تعلق بعدد الحضور الجماهيري كأمر حيوي هام للأندية وللاستثمار وحتى للخطط الرياضية التنموية. ومن خلال هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على هذه القضية لنطرح بعض الأسئلة على المسئولين علهم يرووا عطش المتلهفين بإجابات قاطعة لا ريب فيها. مستندين في ما نطرح على كل ما ذكر حول هذه القضية ومن كافة المشارب والمصادر. جماهير الشمس تعلق الجرس ولنعود بالذاكرة إلى الموسم الماضي عندما امتعضت جماهير النصر من العدد المعلنة للحضور في بادرة تشير إلى أن هناك خطأ ما حول صحة الأرقام ولم يشتد الاعتراض النصراوي حتى أتت مباراة الفريق مع الاتحاد صاحب الجماهيرية الكبيرة أيضا وفي مدينة الرياضة ليكون مشهد ملعب الأمير فيصل بن فهد زاخر بهدير الجماهير التي غطت جنبات الملعب وكان المتوقع أن يكون العدد المعلن في حدود العشرين ألف ولكن الأرقام أظهرت غير ذلك حيث كان العدد المعلن 16 ألف تقريبا من مجموع المقاعد ال 24 ألف وكأن نصف الملعب فارغ من الجماهير !! وعندها اعتلت الاعتراضات النصراوية ولم تجد جواب شافي سواء مبررات غير مقنعة مثل الدخول بلا تذاكر أو تذاكر السوق السوداء وغيرها من مبررات غير منطقية. واستمر مسلسل غرابة الأرقام ولكن في نهاية الأمر طويت الصفحة بخيرها وشرها لننطلق في موسم جديد. جماهير الراقي في القمة حقق الفريق الأهلاوي في أول جولتين تفوقاً جماهيرياً اسعد كل عشاقه وعشاق الإثارة ولم يشكك احد في جماهيرية الراقي الطاغية حيث لعب في المدينةالمنورة والتي يحظى فيها بشعبية كبيرة ثم عاد ولعب في مدينة جدة أمام النصر صاحب الجماهيرية الكبيرة أيضا ولا تتوقع أن يكون الحضور متدنياً إذا ما عرفت إن المباراة في معقل الأهلي صاحب الشعبية وضيفه النصر لا يقل شعبية عنه. توقع البعض ( من المتشائمين ) أن يكون جمهور الأهلي مستهدف في المرحلة المقبلة وذلك لعدة أسباب أهمها إن كثافة الجماهير الخضراء قد لا تسعد من يتغنون بالأكثرية الجماهيرية دون دليل ملموس. وهذا ما حدث في الجولة الثالثة حيث جاءت الجماهير الخضراء في المركز الثاني رغم إن استاد الأمير عبد الله الفيصل شهد لوحات أهلاوية جماهيرية كبيرة. الهلال نجم خارج أرضه للمرة الثانية يحقق الهلال أرقاما كبيرة في الحضور خارج أرضه وهو فريق عملاق يملك جماهيرية طاغية في شتى المدن ولم يكن مفاجئاً أن يكون الحضور لمباريات الزعيم بهذا الحشد الكبير. المفارقة إن العدد الجماهيري تخطى عدد حضور مباراة الأهلي رغم إن سعة الملعبين متقاربة والمقاعد الشاغرة تكاد تكون متساوية ولكن الأفضلية هلالية. لكن ذات الملعب شهد حالة غريبة ففي مباراة الرائد والفيصلي أعلن عن حضور أكثر من 8 آلاف مشجع رغم إن الصور تظهر مساحات كبيرة من الملعب شاغرة بل أن عدد الحضور قد لا يصل لهذا الرقم. ومع التأكيد على إن للرائد في مدينة بريدة جماهيرية كبيرة لو قدر لها وحضرت الملعب لاكتسحت المدرجات ولكن ما شهدته المباراة غير ذلك. هذه بعض المشاهدات خلال الجولات السابقة ولا يعرف هل الأرقام مقنعة أم إن إمكانية التلاعب موجودة وكيف يتم الحكم بقطعيتها إن كان ثغرات تسبب في تزييف الصورة الحقيقية. فمن يملك المعلومة ولماذا تختلف المشاهد الملتقطة تلفزيونياً عن الأرقام المعلنة وماهي آلية قياس عدد الجماهير وهل هناك سبل لتطويرها وتدقيقها ؟ وهل سيستمر الجدل حول صحة عدد الحضور الجماهيري؟ إن المسئولين في رعاية الشباب وهيئة دوري المحترفين وحتى مواقع الرصد الالكتروني ( إحصائيات) ولجنة الإعلام والإحصاء والتي يقودها الرائع احمد صادق دياب والأستاذ الخلوق احمد المصيبيح يبذلون جهودا مشكورة في نقل المعلومة والبحث عنها بدقة ومتابعتها وإظهار الوجه المشرق للرياضة السعودية ومثل هذه الملاحظات يجب أن تكن ضمن أجندهم حتى لا ندع مجالا للشك والتكهن من قبل المتابعين وفقدان الثقة في دورينا وفي معلومات دورينا. إن الاهتمام والاحتفاء بجماهيرية الأهلي وحضورها المتميز (على سبيل المثال )أمر محفز لحث الجماهير على إنعاش المدرجات وليس فرض العقوبات والإنذارات لان أسوأ مباريات الدوري هي التي تلعب دون جمهور. وهذا التحفيز يجب أن يشمل جماهير الهلال والاتحاد والنصر والرائد والتعاون والاتفاق والقادسية وكل الجماهير التي تعيش وتتنفس كرة القدم.