تعتبر عملية الإعداد النفسي للاعبي كرة القدم على درجة عالية من الأهمية بمكان بالتوازي مع برامج الإعداد الأخرى الفنية والبدنية ، بل إنها تعتبر المفتاح الرئيس لصناعة النجوم وسر تفوق بعض الفرق والمنتخبات العالمية التي أولت التهيئة النفسية للاعبيها قبل خوض أي منافسة أو بطولة قارية أو عالمية وأدرجتها على سلم الأولويات ، ولقد ذكر لي أحد الإعلاميين حينما كان مرافقاً للمنتخب البرازيلي إبان بطولة كأس القارات التي أقيمت بالمملكة بأن الإعلامي والمتحدث الرسمي المرافق للمنتخب البرازيلي كان لا يترك لاعبوه يتحدثون للصحافة مباشرةً قبل أن يقوم هو بقراءة الأسئلة ودراستها ومن ثم مساعدة اللاعبين في الإجابة عليها ليتلافى وقوعهم في بعض الأخطاء التي تصطادها الصحافة لتكون مادة دسمة على الصفحات الرياضية وبالتالي تأثيرها المباشر و السلبي على مستواهم الفني داخل الملعب ، وقد تصدر بعض التصاريح الغير مدروسة بعناية من قبل بعض اللاعبين تحدث انتكاسة على المدى البعيد على اللاعب نفسه ومردوه داخل الملعب، ولقد قام هذا المرافق الإعلامي الناجح بدور البرمجة اللغوية العصبية في إيصال الطرق الفعالة للتفكير والاتصال والتواصل للاعبين لوصولهم للامتياز المطلوب ، ومحلياً هناك فكر خاطئ لدى بعض إدارات الأندية والمنتخبات يضع برامج الإعداد النفسي للاعبين على رف النسيان واستبعادها من قائمة الأولويات في إعداد الفرق والمنتخبات بوجه عام ، وهو بلا شك مفهوم خاطئ ساهم في الكثير من إخفاقاتنا في الكثير من المحافل القارية والدولية ، ولو عدنا بالذاكرة إلى الماضي قبل أن يطبق نظام الاحتراف حينما كانت الأولوية تصب في مصلحة الإعداد والتأهيل النفسي للاعبين والذي كان محفزاً لهم في تحقيق أفضل النتائج التي لازلنا نتغنى فيها إلى الآن ومع نظام الاحتراف أهملت هذه الأولوية وأصبحت النتائج مؤسفة ومحزنة و لا ترتقي للطموح المأمول منها ، ومن خلال تجربتي في إدارة فريق ناشئي كرة القدم بنادي النصر السعودي منذ خمس سنوات وحتى الآن اكتشفت أن التعامل مع اللاعبين لا يحتاج إلى إدارة تقليدية بقدر ما تحتاج إلى إدارة علائقية تهتم بالعلاقات الإنسانية تقوم على توسيع المشاركة وتهتم بالحوافز المعنوية ودمج التخطيط بالتنفيذ ، وأعطينا عامل الإعداد النفسي للاعبين صدارة الأولويات ، وأن هناك فوارق سلوكية ونفسية بين اللاعبين ولكل لاعب طريقة تعامل خاصة فيه ، فهي أرواح وليست مكنة جامدة تستطيع برمجتها دونما أن تتواصل معها وتتفهمها , وذلك بالتواصل مع الخبراء والأساتذة في هذا المجال وتم عمل ورش عمل ومحاضرات للاعبين تعليمية وتثقيفية وجداول وحصص منتظمة خلال الموسم الماضي ساهمت في ارتفاع أداء اللاعبين من مباراة لأخرى حتى تفوقهم وحصولهم على بطولة الموسم الماضي بكل جدارة واستحقاق برغم ما واجه الفريق من ضغوطات وعقبات ، وبناء على ما سبق فإن محصلة تلك السنوات في ممارسة إدارة ناشئي كرة القدم علمتني أن الإعداد النفسي الناجح للاعبين يعتمد على ضرورة وجود أخصائيين وتربويين في العلوم الاجتماعية كعلم النفس البشري الرياضي لإعداد الفريق ووضع برامج متكاملة للاعبي الفريق سواء في التمارين أو المعسكرات والتي تهتم بالإعداد النفسي ، والملاحظة الدائمة والتوجيه المستمر خاصة فئة الناشئين ومراعاة اختيار إداري للفريق يجيد لغة التواصل والاتصال مع اللاعبين ومعرفة الفوارق السلوكية بين اللاعبين ويعمل أيضاً على تحفيزهم وشحذ هممهم أثناء المنافسات الكروية محافظاً في نفس الوقت على بث روح المسئولية الأخلاقية لدى اللاعبين وجعلها في المقام الأول .
* فهد بن مساعد المفيريج مدير درجة الناشئين بنادي النصر السعودي بكالوريوس دعوة وإعلام جامعة محمد بن سعود الإسلامية