البناء بالحجر ... تراث عمراني عريق يعتمد على مواد تقليدية جميعها من الطبيعة الخالصة ، وهو أبرز أركان البناء في قرية ذي عين الأثرية بمنطقة الباحة. وإمعانا في تأصيل هذا التراث والمحافظة عليه وتجديده انطلقت الجمعية التعاونية في القرية لإعادة إحياء هذا التراث العريق ، من خلال دورات تدريبية ضمن برنامج " لايطيح " لتأهيل القرى التراثية التي تقوم به الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع الشركاء. وأكد المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة الباحة الدكتور محمد تركي مله هدف البرنامج في تمكين المجتمعات المحلية للتأهيل والبناء بالمواد التقليدية بالقرى التراثية ، ومواقع التراث العمراني بالمملكة ، مبينا انعكاس ذلك على التعريف والتسويق للقرية وكشف هويتها الأثرية. يستمر البرنامج التدريبي خمسة أيام ، يتعلم أبناء القرية بشكل عملي كيفية البناء في القرية بالمواد التقليدية ذاتها التي كان يستخدمها الأجداد. وقال : مدير مشاريع التراث الثقافي بفرع الهيئة في المنطقة المهندس حسين بن حسن الزهراني يتلقى المتدربون كيفية بناء جدران من الحجر بنفس الطراز التقليدي للقرية ، مضيفا أنها محاولة لنقل خبرة كبار السن من أهالي القرية. في جانب آخر يعتمد الأهالي في قرية " ذي عين " قديما بالبناء بصخور الجرانيت والبازلت المتوفرة في المنطقة ، وبعد جمعها من سفوح الجبال المجاورة ، وتكسيرها عن طريق مادة اللغب وبمقاسات مختلفة يتم البدء بقاعدة البيت ، وذلك بحفر ربض في الأرض بعمق متر إلى متر ونصف ، وعرض متر واحد تقريباً، وردمه بالحجارة حتى تتساوى مع سطح الأرض لتشكل قاعدة قوية للبناء ، وصلبة. وبعد اكتمال الأساس ينطلق البيت في الإرتفاع بشكل منتظم ويستمر حتى باب المنزل حيث يتم وضع الجباهة وهي صخرة كبيرة توضع فوق الأبواب والنوافذ ويتم بعدها استكمال عملية البناء. ويعد البناء بالحجر أحد أبرز النماذج الفريدة في فن البناء التراثي ، فضلاً عن كونه يمثل ملحمة إنسانية كبيرة بحيث يتكاتف كل أفراد المجتمع رجال ونساء في بناء المنزل الواحد , فالجميع يشارك باختلاف أعمارهم ومهنهم وأعمالهم ، وكان صاحب البيت قديماً لدى فراغه من طينة السقف التي تمثل آخر مراحل البناء ، يقوم بإعداد وليمة كبيرة إكراماً لأهل قريته على وقفتهم المشرفة في إكمال بناء منزله ، ويأتون في ذلك المساء بشاعر ويحتفلون جميعاً بهذه المناسبة . كما يعد برنامج " لا يطيح " أحد مبادرات الهيئة العامة للسياحة والآثار للحفاظ على التراث العمراني القديم وتهيئة المجتمعات المحلية للمشاركة في تنفيذ خطط الهيئة بالتعاون مع شركائها في المناطق ، إضافة لتكثيف جهود الأنشطة السياحية بالمنطقة ، وتشجيع الحرفيين ومشاركتهم في الفعاليات والمهرجانات. // انتهى //