تتميز مدينتا بعلبك والهرمل بأنهما مدينتين لبنانيتين تاريخيتين تقعا جنبا الى جنب بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية وتطلان من شمال شرق لبنان على منطقة سهل البقاع وتتميزان بعمقهما التاريخي العريق الموغل في الزمن . فمدينة بعلبك المشهورة عالميا بآثارها الرومانية والبيزنطية والبابلية والإسلامية من بينها قلعتها الرومانية المسماة / قلعة بعلبك / تعبر لجهة موقعها الإستراتيجي وعراقتها عن هيبة ماضيها العظيم . فهذه المدينة اللبنانية تستوي فوق هضبة تعلو عن سهل البقاع الشمالي وهي تشكل أهمية حضارية وقيمة تاريخية ومكانة دينية دفعت بها لتتبوأ مرتبة عليا بين باقي المدن اللبنانية فصار لها إهتمامات عديدة من أبرزها المهرجانات الدولية التي دفعت بها الى الصدارة العالمية . أما مدينة الهرمل ومنطقتها فهي تقع الى جوار مدينة بعلبك وتبعد عن بيروت 143 كلم وتلامس أراضيها شرقا خارج بلدة رأس بعلبك وتتداخل مع الأراضي السورية . وتعتبر مدينة الهرمل إداريا بأنها قضاء ويسمى مركزه بإسمها وتبلغ مساحته 300 كيلو مترا مربعا ويتوزع سكانه بين مركز القضاء أي مدينة الهرمل ومنطقتين جغرافيتين لا تقلان أهمية عن بعضهما البعض في وادي نهر العاصي وجرود الهرمل .. والهرمل التي تجاور نهر العاصي الذي يصب في الشاطىء التركي مشهورة بغزارة مياهها ووفرة ينابيعها والآثار التاريخية التي تشير الى حضارات عديدة مرت على هذه المنطقة المميزة . ومن أبر ز الآثار الفريدة التي تزخر بها منطقة الهرمل آثار القاموع المتواجدة فوق قمة إحدى التلال التي تحيط بالمدينة الأم وهناك روايات حول قصة وتاريخ هذا الهرم ومنها انه كان لاحد الملوك الفرس الذين حكموا هذه المنطقة أبنا وحيدا خرج الى الصيد ذات يوم فهاجمه خنزير بري وصرعه وتكريما لذكراه أمر والده ببناء ضريح عند أعلى نقطة من السهل أو لعله في المكان الذي قضى فيه ذلك الإبن ونقوش المعركة بين الفتى والخنزير بادية على النصب المذكور من جهاته الأربع وقد ظل هذا الهرم ردحا من الزمن بفضل وجوده عند أعلى نقطة من سهل البقاع لجهة الشمال معلما لتحديد إتجاه القوافل والمسافرين والقوافل التي تعبر سهل البقاع . وفي العام 1927م أيام الإنتداب الفرنسي علمت الدولة الفرنسية أن في القاموع كنوزا وأمتعة وأسلحة من أيام الفرس فأمرت بفتحه والدخول الى الدهليز فيه وبعدما صادرت كنوزه أعادت ترميمه بحجارة حديثة تبدو للعيان مختلفة عن حجارته القديمة التي بني منها بالأصل . ويقطن مدينتي بعلبك والهرمل قبائل عربية لا زالت حتى اليوم تتقيد بعاداتها وتقاليدها وتراثها القبلي من نواحي الجود والكرم والضيافة ونصرة المظلوم والأخذ بالثأر وغيرها ويعمل غالبية أفراد هذه القبائل رجالا ونساء في مجال الزراعة والأشغال الحرفية اليدوية المميزة . وبالعودة الى مدينة بعلبك التي تقع في قلب سهل البقاع الذي اشتهر بغناه ووفرة محاصيله الزراعية لامتداد أراضيه وغزارة مياهه التي تروي أراضيه الخصبة اشتهرت هذه المدينة عبر العصور بموقعها البري الإستراتيجي وقد شيد الرومان فيها معابد ضخمة لا تزال حتى اليوم مقصدا وأكثر جذبا للسياح كما يقام فيها من وقت لآخر مهرجانات عالمية تستقطب أشهر الفنانين العرب والأجانب والمشاهدين . وبعلبك إسم سامي قديم مركب مشتق من السريانية / بعل بقاع / والبقاع هو السهل الواقع بين سلسلتين جبليتين وقد سماها الرومان / هيليوبوليس / أي / مدينة الشمس / وفي هذه التسمية إشارة الى أن هذه المدينة كانت سابقا مكرسة لعبادة الشمس وكانت قد نالت هذا الإسم بعد فتح الإسكندر وقد أبقى العرب الذين فتحوا البلاد على الإسم السامي القديم مع بعض التحريف بحيث كانوا يطلقون عليها اسم / بعلبك / . // يتبع //