وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    الخليج يتأهل إلى نهائي "آسيوية اليد"    نخبة فرسان العالم يتنافسون على 43 مليوناً    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    صناعة الذكاء الاصطناعي وتأثرها بالولاية الثانية لترمب    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    إحباط تهريب (26) كجم "حشيش" و(29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    بوتين: قصفنا أوكرانيا بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    واشنطن ترفض «بشكل قاطع» مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    رئيس البرلمان العربي يدين الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة ويحذر من عواقبه    جائزة الأمير عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن تحتفي ب 15 فائزًا بدورتها الثانية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    «المسيار» والوجبات السريعة    الصقور السعودية    اكتشف شغفك    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الإعراض عن الميسور    شراكة بين "طويق" و"مسك" لتمكين قدرات الشباب التقنية    الاتحاد يستعيد «عوار».. وبنزيمة يواصل التأهيل    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    نواف إلى القفص الذهبي    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضلية إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ،المسلمين بتقوَاه سبحانه جل في علاه، فهي العِزُّ والفوزُ والنجاةُ، ما خابَ مَن استمسك بها، وما أفلَحَ من تركها، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "خلق الله تعالى بني آدم، وحثَّهم على عمارة الأرض وإصلاحها: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾، وهذه العمارةُ، تشمل كلَّ ما فيه نفعٌ وفائدة، للعباد والبلاد، من الزراعة والصناعة، والتشييد والبناء، والأخذِ بأسباب التحصن والقوة، فقد هَيَّأَ سبحانه لعباده، ما يلزم لعمارة أرضه، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وسخر لهم فرص الفوز والفلاح، فالموفق، من يبادر إليها، ويجدّ ويجتهد في اغتنامها، فينفع نفسه، ويعمُر وطنه، ويعلي شأن أمته.
وأوضح أن الفرصة قد تكون قربة وطاعة، أو عمل خير يتعدى نفعه إلى غيره، أو مشاركة في بناء وطن وتنمية، وقد تكون منصبا رفيعا، أو جاهاً كريما، يسخّره صاحبه لنفع بلاده ومجتمعه، والإسلام وأهله.
وبيّن فضيلته أن صاحب الهمة العالية، من يصنع لنفسه الفرص، ولا ينتظرها تطرق بابه، بل يبادر في تحصيلها، سواء كان ذلك في أمر الدنيا أو الآخرة، وفي مصنف ابن أبي شيبة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: " إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَة ".
وقال الدكتور المعيقلي: لقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ورسله فقال: ﴿إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ ﴾. أي: يبادرون إلي الخيرات، ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها، إلا انتهزوا الفرصة فيها فهذا نبيُّ الله موسى عليه السلام، لما اطمئن قلبه بكلام رب الأرباب، وأن الذي يخاطبه هو مسبب الأسباب، اغتنم عليه السلام الفرصة، قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾، فاستجاب له ربه، في قوله جل وعلا: ﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى ﴾.
وتناول الشيخ المعيقلي في هذا الصدد قصة النبي زكريا عليه السلام مع السيدة مريم عليها السلام، إذ دخل عليها وهي منقطعة للعبادة، لا كسب لها ولا تجارة، قال سبحانه وتعالى:﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، فلما رآى آثار فضل الله ورحمته، اغتنم عليه السلام الفرصة، فدعا الله تعالى بأن يرزقه الولد الصالح، فالذي رزق مريم بغير سبب، قادر على أن يهب للشيخ الكبير الولد، وجاء ذلك في قوله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
وتطرق فضيلته لموقف ثالث وصفه بالعجيب، لنبي الله سليمان عليه السلام، لما ألهته الخيل الجياد، عن ذكره لربه وصلاة المساء، ندم على ما مضى منه، وتقرب إلى الله تعالى بما ألهاه عن ذكره، فأمر عليه السلام بعقرها، والتصدق بلحمها، واغتنم فرصة الندم والتوبة، ونفحات المغفرة والرحمة، فاستغفر ربه في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾، فجاءت الاستجابة من الله العلي القدير، وعوضه سبحانه خيراً مما تركه، مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.
// يتبع //
15:34ت م
0048
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأردف الدكتور المعيقلي قائلاً: وأما نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان مثالاً يُحتذى به، في اغتنام الفرص، وحين قدم إلى المدينة، وأتيحت له الفرصة، بادر بتقسيم الأعمال، ومكّن أصحاب المواهب، وَهَيَّأَ لهم الفرص، فبلال، لرفع الأذان، وخالد بن الوليد، لنصرة الدين بالسنان، وأما نصرة الدين بالشعر والبيان، فكان النصيب الأكبر فيه لحسان رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم، ومر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما بسوق المدينة، والناس مشغولون ببيعهم وشرائهم، فأراد أن يذكرهم بقيمة الدنيا، وأن لا تلهيهم تجارتهم عن تجارة الآخرة، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ - أي صغير الأذنين -، فاغتنم صلى الله عليه وسلم الفرصة، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ورفع صوته يزاود على بيعه، فَقَالَ: (( أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ )) فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: (( أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ ))، قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: ((فَوَ اللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ ))، رواه مسلم وفي مسند الإمام أحمد، لما صعد ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه على شجرة، يجتني سواكا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ )) قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ))، فاغتنم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرصة، ليبين للأمة، أن الناس يوم القيامة، لا يتفاضلون بأشكالهم وأحجامهم، وإنما بصلاح قلوبهم وأعمالهم، فالله جل جلاله، لا ينظر إلى الصور والألوان والأشكال، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، وفي الصحيحين، أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَءُوا: ﴿ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ )).
ولفت فضيلته الانتباه إلى بعض المواقف التي ينبغي الحرص على اغتنام الفرص فيها، ما جاء في الصحيحين، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (( اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ))، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: (( سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ )).
وقال المعيقلي: تأمَّل أخي المسلم، كيف بادر عكَّاشة رضي الله عنه وأرضاه، واغتنم هذه الفرصة، ففي لحظة واحدة، فاز بدخول الجنَّة، من غير حساب ولا عذاب.
وبين أن كل فرصة في الخير مغنم، مهما صغر حجمها، وقل وزنها، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد، فبكلمة طيبة، ولا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وفي صحيح مسلم: أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ )).
وأكد فضيلته أن هناك فرصا لا يمكن تعويضها؛ فمن هذه الفرص العظيمة، وجود الوالدين، فالوالد، أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فحافظ على الباب أو ضيّع، وفي صحيح مسلم، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ))، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (( مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ))،
وأوضح الشيخ ماهر المعيقلي أن وجود الانسان في الحياة، هو أعظم فرصة، فإن كان عمل صالحا ازداد، وإن كان غير ذلك تاب وعاد، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ))، وكلما كان المرء جادا في حياته، مترفعا عن نزواته وشهواته، اغتنم الفرصة وتقدم على غيره، ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾.
ولفت فضيلته إلى أن من فضل الله تعالى علينا، أن جعل الفرص قائمة، حتى آخر ساعة، ففي مسند الإمام أحمد، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ )) .
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام الى اغتنام الفرصة قبل فواتها، وتذكر بأن الفرص نعمة، والنعم إذا ذهبت ربما لا ترجع، قال ابنُ القَيِّم رحمه الله: َاللَّهُ سُبْحَانَهُ، يُعَاقِبُ مَنْ فَتَحَ لَهُ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ فَلَمْ يَنْتَهِزْهُ، بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ بَعْدُ مِنْ إِرَادَتِهِ، عُقُوبَةً لَهُ". ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾، فمن آثَرَ عجزه وكسله، وفوّت الفرص على نفسه، ندم في وقت لا ينفعه فيه الندم، ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ﴾.
// يتبع //
15:34ت م
0049
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
تحدث امام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة اليوم عن رزق الله ,موصيا فضيلته المسلمين بتقوى الله عز وجل فيما امر والكف عن ما نهى عنه وزجر.
وقال فضيلته: لقد قدر الله المقادير وكتب الآجال وقسم الأرزاق وكتب على كل أحد حظه من السعادة والشقاء ونصيبه من النعم والسراء والبأساء والضراء, فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط, وكل شيء بقدر وقضاء, كتب الله أرزاق بني آدم وهم في عالم الأرحام ,فاذا أتم الأنسان في بطن أمه أربعة أشهر بعث الله إليه ملكًا موكلًا بالأرحام فينفخ فيه الروح بإذن الله ويكتب أجله وعمله ورزقه وشقي أو سعيد , عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ(,فالرزق مقسوم وكل شيء بقضاء واجل معلوم ,فاجملوا في الطلب واستعينوا على الكسب ,أحسنوا الظن بالله فسوء الظن مذموم لاينفع والله عند حسن ظن العبد به.
وذكّر فضيلته بأن الله هو المعطي وهو الرزاق ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وخزائنه لا تنفذ ويمينه ملئا, فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله عزوجل أنه قال: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إِنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عِبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) رواه مسلم.
وقال فضيلته : إن الله قد تكفل بالأرزاق مستشهدا بقوله تعالى(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ? كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ), فيرزق الجنين في بطن أمه والحيات في البحر والحياة في الوكر, وما خلق الله خلق فضيعهم ولو فر عبد من رزقه لادركه (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ )، مشيراً إلى امتحان الله لعبده بالرزق فيبسط فيه ليحمد ويشكر ويضيق فيه ابتلاء لانسيانا وعجزا وحينها يلزم الصبر,فمن نزلت به فاقه فانزلها بغير الله لم تسد فاقته ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن ويتصبر يصبره الله,فالصبر على الفاقه واللأواء والغلاء والبلاء مطلب شرعي واجب وامر ضروري, وقد عاتب الله عزوجل في ذلك فقال: (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ).
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بأن تقوى الله عزوجل هي خير مغنم للعبد وهي المخرج من كل ضيق ونكد لقوله تعالى(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ), مبينًا فضيلته أن تقوى الله مفاتح خزائن السماء والأرض ,وما عند الله لا ينال بمعصيته، مستشهدًا بقوله تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.