أربع ملايين زائر ل «موسم الرياض» في أقل من شهر    نونو سانتو يفوز بجائزة مدرب شهر أكتوبر بالدوري الإنجليزي    جازان: إحباط تهريب 200 كغم من القات    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    الإتحاد يُعلن تفاصيل إصابة عبدالإله العمري    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    نيمار: 3 أخبار كاذبة شاهدتها عني    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    «مهاجمون حُراس»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    حديقة ثلجية    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    الهلال يهدي النصر نقطة    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أكد فضيلة إمام و خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي أن المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين، كانت ولا تزال، وفيَّةً لقضايا المسلمين الكبرى، وتقود زمام المبادرات، للتضامن مع المسلمين، وحماية مقدساتهم، ورعاية أحوالهم، وقد تعاقب ملوك هذه البلاد خاصة، على نصرة قضية فلسطين، والدفاع عن المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين، ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، وكانت المملكة العربية السعودية، ولا تزال تؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الكريم، سائلا الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وقادة بلاد المسلمين، لما فيه خير للإسلام والمسلمين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : إن اللهَ تعالى أَخَذَ العَهْدَ على الخَلْق، وهمْ في صُلْبِ أبيهِم آدمَ عليهِ السلام، بأن يعبدوه وحده لا يشركون به شيئا:﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ وأرسلَ سبحانهُ الرسلَ مبشرينَ ومنذرين، وجعلَ العلماءَ ورثةَ الأنبياء، وأخذَ عليهم العهد ببيان العلم وعدم كتمانه: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ وأمرَ سبحانهُ المؤمنينَ عامة، بالوفاءِ بالعهودِ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ فالوفاءُ ، خُلق كريم، وسلوك نبيل، وصفة من صفات المتقين، فيه أداء للأمانة، وصيانة للمودة، وحفظ للحقوق، ولا يكون التعاون قائما بين الناس ، إلا بالوفاء بالعهود، وهو مما يسألُ عنه العبدُ يوم القيامة: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾.
وبين فضيلته أن أهلُ الوفاء: هم من التزموا بعهودِ ربهم ، ووقفوا عندَ حدودِه، وامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " كل ما أحلَّ الله وما حرَّم ، وما فرض في القرآن، فهو عهد "، فإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإحسان بالقول والعمل، كل ذلك عهد مع الله تعالى، يجب الوفاء به: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ﴾.
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأضاف الشيخ المعيقلي : إن الوفاء يعظم لمن له حق على الإنسان، من أبناء وإخوان، وزوجة وخلان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، أوفى الناس بقرابته وزوجاته وأصحابه، فهذه خديجة رضي الله عنها وأرضاها، كانت خير معين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على تحمل أعباء الدعوة في أولها، فآزرته بنفسها ومالها، فكانت خير زوجةٍ لزوجها، ففي الصحيحين: (( أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ )).قَالَ السُّهيْلي: "وهذا مناسب لما كانت عليه خديجة رضي الله عنها ، من حسن الاستجابة والطاعة، فلم تحوج زوجها إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب؛ بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عصيب، وكانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط؛ فناسب أن يكون منزلها الذي بشرت به من ربها بالصفة المقابلة لفعلها، فهي لم تصخب عليه، ولم تتعبه يوماً من الدهر". انتهى كلامه رحمه الله. فقابَل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاءَها بوفاءٍ أعظم منه، فعرف حقها وقدرها ومنزلتها ، وظلَّ صلى الله عليه وسلم بعد موتها، يُكثِر من ذكرها وفضلها ومحاسنها، ويتفقد صديقاتها، ومن أحب شيئاً أحب محبوباته، ففي صحيح مسلم: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: (( أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ ))، وتقول الصديقة رضي الله عنها وعن أبيها: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ», رواه البخاري وبلغ من وفائه صلى الله عليه وسلم، أنه لما دخلت عليه امرأة كانت تدخل عليه أيام خديجة، هش لها وبش، وسر لرؤيتها، ثم قال لأهله: (( أكرموها فقد كانت خديجة تحبها ))، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وأرضاها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ: لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: (( إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ )) وكان إذا سمع صوت هالة أخت خديجة، برقت أساريره، وابتهجت نفسه، قال النووي رحمه الله: " وهَذَا كُلُّهُ، دَلِيلٌ لِحُسْنِ الْعَهْدِ وَحِفْظِ الْوُدِّ، وَرِعَايَةِ حُرْمَةِ الصَّاحِبِ وَالْعَشِيرِ، فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ، وَإِكْرَامِ أَهْلِ ذَلِكَ الصَّاحِبِ ".
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وأردف فضيلته يقول : لقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيما رأينا من عظيم وفائه وحفظه للعهود، وردّه للجميل، وإن ذلك ليتأكد في حق الوالدين، حيث أوصى الله بحقهما بعد حقه فقال: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، فصلة الوالدين قربة، وحديثهما طاعة، ودعاؤهما بركة، فهما أحق الناس ببرك ووفائك، وأولى الناس بحسن صحبتك وإحسانك، وخاصة عند الكِبَر والضَّعف ومظنَّة الحاجة، فقد كنت في صغرك: زينة حياتهم، وريحانة قلوبهم، وغرس آمالهم، يسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك، ولا يسأمان من الدعاء لك، فبرّهما أعظم أجراً من الهجرة والجهاد في سبيل الله، ففي صحيح مسلم: أَن َرَجُلاً أَقْبَلَ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا» وكان سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، يرون برّ الوالدين، أعظم من نوافل العبادات، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: «بِتُّ أَغْمِزُ رِجْلَ أُمِّي، وَبَاتَ أخي يُصَلِّي، وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ». وفي الأدب المفرد بسند صحيح، أن ابن عمر رضي الله عنهما، قال لرجل: " أَتَفْرَقُ النَّارَ وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُال: إِي وَاللَّهِ، قَالَ: أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟ قُال: عِنْدِي أُمِّي، فقَالَ ابن عمر: فَوَاللَّهِ لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ، لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ ".
وأوضح فضيلة إمام و خطيب المسجد الحرام أن الوفاء مع الوالدين، لا ينقطع بموتهما، فالابن الوفي البار، يشرك والديه معه في صدقاته وبره وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره، ففي صحيح البخاري، أن سعد ابن عبادة رضي الله عنه، تصدق ببستان عن أمه وفاء لحقها، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ، صَدَقَةٌ عَلَيْهَا وفي سنن أبي داوود بسند حسن، أنه حَفَرَ بِئْرًا وَقَالَ: هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ وقَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم وأرضاهم: مَاتَ أَبِي؛ فَمَا سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَوْلًا كَامِلًا؛ إِلا الْعَفْوَ عَنْهُ. فعلى نهج الكتاب والسنة، تربى الصالحون الأطهار، من الصحابة والتابعين الأبرار، فهذه سيرهم في وفائهم مع آبائهم وأمهاتهم، قد فاح عبيرها وعلا ذكرها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ﴾ .
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة
ولفت فضيلة الشيخ المعيقلي إلى أن وفاء الإنسان لوطنه ومجتمعه، مما فُطرت عليه النفوس السليمة، وتعاهد عليه أصحاب الأخلاق الكريمة، والأوفياء لمجتمعاتهم ، يرعون عهدها، ويحفظون أمنها، ويصونون ممتلكاتها، ويسعون لعمارتها ، ويحرصون على جمع الكلمة، وطاعة ولاة الأمور ، والوفاء ببيعتهم، والتعاون معهم، وبذلك يعم النفع، وتتحقق المصالح وإن وفاء المسلم يا عباد الله، ليتجاوز أرضه ووطنه، إلى مقدسات وقضايا المسلمين في كل مكان، تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن أعظم الناس وفاء هم الأنبياء، ورسولنا صلى الله عليه وسلم، بلغ المنتهى في الوفاء، ورعاية الوُد، وحِفظ العهد. فمن كريم وفائه صلى الله عليه وسلم بأمَّته، أن بلغ رسالة ربه، وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وادخر دعوته المستجابة شفاعة لأمته يوم القيامة، ففي الصحيحين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا». وفي صحيح البخاري، من حديث الشفاعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ، مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ )) .
وقال فضيلته : إذا كان هذا حبه ووفاؤه لأمته صلوات ربي وسلامه عليه، فحريٌّ بنا، أن نأتمر بأوامره، ونجتنب نواهيه، ونعمل بسنته، ونذب عن دينه، قال القاضي عياض، فِي علامة محبة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اعْلَمْ أَنَّ من أَحَبَّ شَيْئًا آثرهُ وَآثَرَ مُوَافَقَتَهُ ، وَإلَّا لَمْ يَكُنْ صَادقًا فِي حُبّهِ وَكَانَ مُدَّعِيًا ، فالصَّادِقُ فِي حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من تَظْهَرُ علامةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَأوَّلُهّا: الاقْتِدَاءُ بِهِ وَاسْتِعْمَالُ سُنّتِهِ ، وَاتّبَاعُ أقْوَالِهِ وَأفْعَالِهِ ، وَامْتِثَالُ أوَامِرِهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ ، وَالتَّأَدُّبُ بِآدَابِهِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ ، وَمَنْشَطِهِ وَمَكْرهِهِ ، وَشَاهِدُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ انتهى كلامه رحمه الله.
وأكد الدكتور المعيقلي أن من الوفاء لرسولنا صلى الله عليه وسلم، الذي هدانا الله به من الضلالة، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، أن نكثر من الصلاة والسلام عليه، استجابة لأمر ربنا تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللّهُمَّ صَلِّ علَى مُحمدٍ وَعَلَى آلِ مُحمدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحمدٍ وَعَلَى آلِ مُحمدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
// يتبع //
13:55ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة رابعة واخيرة
وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان في خطبة الجمعة اليوم عن تعاقب فصول السنة والعبر المستخلصة من تعاقبها , موصيا فضيلته المسلمون بتقوى الله عز وجل .
وقال فضيلته :" إن في تلاحق الدهور وانصرام الفصول وتتابع الشهور واختلاف اليل والنهار لأية لأولي الأبصار قال تعالى (إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب),تختلف فصول السنة ويتعاقب حر الصيف اللافح مع برد الشتاء القارص وكل لك بحكمة وقدر وأجل مسمى , وقد استقبلتم فصل الشتاء ربيع المؤمنين وغنيمة العابدين وروضة المتقين وميدان المجتهدين ,مد الله ليله للعابدين طويلا قال سبحانه (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ),وقال ( وبالأسحار هم يستغفرون ),وجعل الله نهاره قصيرا خفيفا على الصائمين فكان بحق غنيمة للفائزين ومضمارا للمتنافسين قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا), ولاتضيعوا الفرصة فأنكم ستسألون .
وذكر فضيلته أنه عندما يتوقى الناس هجير الحر وسعير الصيف ويتهيئون لزمهرير الشتاء فيتخذون السرابيل والدثار ففي ذلك أعظم واعظ وزاجر لأولي الأبصار, فان شدة البرد وشدة الحر نفسان لجهنم ,عن أبي هرير رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ),فما ضنكم عباد الله بجهنم إنها نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة .
وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان أن السنن الكونية تجري في نظام محكم وقضاء وأمر من الله مسَلم, يرحم الله بها من يشاء فتنفعه ويبتلي بها من يشاء فتضرة فهي مسخرة بمشيئة الله عز وجل ,وليس لها مشيئة ولا تدبير قال تعالى ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ),فالحوادث الكونية كلها بيد الله وبمشيئته لا شريك له في ذلك .
//انتهى//
13:55ت م
www.spa.gov.sa/1696123


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.