أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    الذهب يرتفع بعد تهديدات الرسوم الجمركية الأميركية.. وارتفاع الدولار    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله و أن هذه الحياة الدنيا متاع وأن الآخرة هي دار القرار .
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: أيها المسلمون: بين الأعمال وأجزيتها رباط وثيق، فمستقبل الخير نضير ولو كان حاضره مُعْنِتا، ومستقبل الشر سيء وإن كان حاضره خادعا، والناس عادة معنيون بيومهم الحاضر، ومستغرقون فيه، وذلك حجاب عن الحق، وأحبولة يقع فيها الغافلون، مشيراً إلى أنه في كتاب الله تعالى سورة تسمى (سورةَ الفلاح)، وهي في المصاحف سورةُ المؤمنون ، تُعلِّق الأبصارَ بالآخرة، وتُطَمئنُ المؤمنين إلى مستقبلهم الطيب، أما الكافرون فالويل لهم .
وأضاف فضيلته يقول: "إن الله بدأها بذكر الفلاح وختمها بذكر الفلاح، بدأها الله بذكر فلاح المؤمنين فقال: (قد أفلح المؤمنون)، وختمها الله بنفي الفلاح عن الكافرين فقال: (إنه لا يفلح الكافرون)، وما بين مفتتحها والختام ذكر الله صفاتِ المفلحين، وقصصَ الأنبياء مع أقوامهم، فمن آمن فقد أفلح ونجا . وذكر الله في تضاعيف السورة من أسباب الفلاح، وفي آخرها خاتمة المفلحين والمكذبين: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون).
وأردف قائلاً " أيها المسلمون: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون).
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وبين فضيلته أن الله ذكر من صفات المفلحين: أداءَ الصلاة والزكاة، وهما القرينتان في دين الله، قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)، وفي الحديث: (بني الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة) كما ذكر الله من صفات المفلحين: حفظَ اللسان وحفظ الفرج، وهما القرينان، روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يضمنْ لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمنْ له الجنة"، واللغو: كلُّ كلام باطل لا فائدة فيه ، وما أكثرَ اللغو في حديث الناس! فمن أعرض عن اللغو في الدنيا كان من ورثة الفردوس الذين من جملة نعيمهم الذي أخبر الله عنه في كتابه: (لا يسمعون فيها لغوا) (لا تَسمع فيها لاغية) كما ذكر الله من صفات المفلحين: حفظَ الأمانة ورعايةَ العهود والعقود، فليسوا كالمنافقين الذي إذا عاهد أحدهم غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.
وأوضح الشيخ آل طالب أن في صفات المفلحين هذه مزيج من العقائد والأخلاق، والعباداتِ والمعاملات، وقد وُعد المتمسك بها بالفلاح (أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنةِ وأوسطُ الجنة، ومنه تفجَّر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن". رواه البخاري .
وأفاد أن في وسط السورة تكرار لهذا المعنى وهذه الصفات في ثوب آخر: (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)، وظاهرٌ أن الموصوفين بما ذكر هم المذكورون في أول السورة، الموعودون بالفلاح، وبالفردوس هم فيها خالدون، روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم، (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون).
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: يذكر الله تعالى أولاً في سورةِ الفلاح سورةِ المؤمنون: قصةَ نوح وما كان من قومه، ولم يذكر قبله إلا قصة الخلق، وذلك أن الناس كانوا قبل نوح على التوحيد والفلاح، وأول شرك وقع في الأرض شركُ قوم نوح عليه السلام، روى ابن جرير وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان بين آدم ونوح عليهما السلام عَشَرة قرون كلُّهم على شريعة من الحق"، وإنما قص الله خبر نوح وقومِه ذكرى لمن بعدهم كما قال تعالى في ختام القصة: (إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين)، قال الإمام مالك رحمه الله: "السنة سفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق".
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وأضاف فضيلته قائلاً: وتمضي السورة فتذكر بعد قصة نوح قصةَ قوم آخرين، لم يسمهم الله تعالى فاختلف المفسرون هل هم عادٌ قوم هود، أو ثمودٌ قوم صالح، قال تعالى: (ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون)، والظاهر أن الله لم يسمهم لأن العبرة حاصلة بدون ذلك، ولأن القصد ذكرُ عاقبة المفلحين المصدقين، وعقابِ المكذبين، (قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين) (ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون * ثم أرسلنا رسلنا تترى كلما جاء أمةً رسولُها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون) أهلك الله الأمم المكذبة، فكانوا أثرا بعد عين، وحديثا يتناقله السُّمَّار، فبعدا لقوم لا يؤمنون (ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين).
ولفت النظر إلى أنه بعد نزول التوراة لم يُهلِكِ الله أمةً من الأمم بعذاب الاستئصال، أو بالهلاك العام، قال تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) ولهذا لم يزل في الأرض أمةٌ من بني إسرائيل باقية ، وآتى الله موسى من الآيات ما بقي خبرُه: (ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون * وجعلنا ابن مريم وأمه آيةً وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) .
وأوضح الشيخ آل طالب أنه في ثنايا سورةِ المؤمنون أسبابُ الفلاح لائحة ، ونفحاتُ المولى الكريمِ غاديةٌ رائحة ، فمن أسباب الفلاح في هذه السورة: أكلُ الحلال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم )، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)، وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!". رواه مسلم .
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة
وبين أن من أسباب الفلاح: تدبرُ القرآن الكريم، والإيمانُ به، والوقوفُ عند أوامره ونواهيه، (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين)، فكتاب الله هو النور والهدى والرحمة ، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا) .
وأفاد فضيلته أن من أسباب الفلاح كذلك في هذه السورة: معرفةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإيمانُ به، والتمسكُ بهديه، والاعتبارُ بما جرى له من أحوال: (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون) وهذان الأمران هما الأصلان اللذان لا عدول عنهما، ولا فلاح ولا هدى إلا بهما، والعصمةُ والنجاة في التمسك بهما، ويجمعهما قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم وصححه: "إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتابَ الله وسنتي"، وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه في حجة الوداع: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتابَ الله".
وأفاد الشيخ آل طالب، أن من أسباب الفلاح في سورةِ الفلاح: الدعاء (إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين)، دعاءٌ بقلب خاشع، ولسان ضارع، وطرف دامع، أن يسلك الله بك طريق المفلحين، وأن يثبتك على الإسلام حتى تلقاه، قال حذيفة رضي الله عنه: "ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا كدعاء الغريق" رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
وأشار إلى أن من أسباب الفلاح في سورة المؤمنون: الصبر: (إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون)، وما نال أحدٌ خيراً في الدنيا والآخرة بعد فضل الله تعالى ورحمته إلا بالصبر، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وفي أمثالهم: مَن صبر ظَفَر، ومما يعين على الصبر تصور العاقبة ، واليقين أن الصبر عن معاصي الله أيسرُ من الصبر على عذاب الله، مستشهداً بقول الله تعالى: (واصبر فإن الله لايضيع أجر المحسنين،، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة رابعة
وفي المدينة المنورة تحدّث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ عن حبّ البلاد وحمايتها من كل مخطط يريد الإضرار بمصالحها الدينية والدنيوية، أمرٌ أقرته شريعة الإسلام, لينعم المرء بالاستقرار في بلده آمنا على نفسه وأهله وذلك من أجلّ وأعظم نعم الله على عباده.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إن من أثمن الأشياء عند أهل الفطر السليمة حبّ البلاد التي ولدوا فيها, وعاشوا على ثراها, وأكلوا من خيرات الله جلّ وعلا فيها, وهذه الحقيقة قد أقرّتها شريعة الإسلام, وأحاطتها بحقوق وواجبات, رعاية لمصالح الدين والدنيا معاّ, فقد اقترن حبّ البلاد والديار عند الإنسان بحبّ النفس, كما هو وصف القرآن العظيم يقول جلّ وعلا " وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ".
ووأضاف قائلاً : في قضية حبّ الديار ومحبة البلاد يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة بحزن وشوق فيقول "ما أطيبك من بلد وما أحبّك إليّ ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك" رواه الترمذي، وعندما أراد الله جلّ وعلا له الهجرة إلى المدينة وعاش في أرضها وأقام, وتنوّرت برسالته, قال صلى الله عليه وسلم معبّراً عن كونها بلداً أًبحت مقر إقامته " اللهم حبّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ".
وأورد ما جاء في كتاب الله الحكيم في وصف خيرة خلق الله بعد الرسل بقوله جلّ وعلا واصفاً الصحابة المهاجرين من مكة إلى المدينة " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ".
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة خامسة
وبيّن فضيلته أن من أعظم نعم الله على العبد استقراره في بلده آمناً على نفسه وأهله, عابداً ربه مطيعاً لخالقه, يقول صلى الله عليه وسلم " من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا" رواه الترمذي
وأشار إلى أن حبّ الديار في الإسلام يعني الالتزام بقيم فاضلة مبادئ زاكية, كما يعني التعاون على جلب كل خير وصلاح للبلاد وأهلها, ودفع كل فساد وعناء عن الديار وساكنيها, ويقول جل وعلا " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
ولفت الانتباه إلى أن حبّ البلاد يقضي بأن يعيش كل فرد مع إخوانه في بلاده بمحبة وتواد وتراحم وتعاطف استجابة لقوله عز وجلّ "إنما المؤمنون إخوة" ولقوله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" متفق عليه
وأوضح آل الشيخ أن حبّ الديار يبعث على التواصي بالبر والتقوى, والتناصح على ما فيه خير الديار وإعمار الدار، مستشهداً بقول الله جلّ وعلا "إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدين النصيحة, قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين, وعامتهم" رواه مسلم
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة سادسة
وشدّد إمام وخطيب المسجد النبوي على أن الحبّ البلاد يقتضي الدفاع عن دينها وعن منهجها وعن ثوابتها, والدفاع عن أرضها ومقدراتها, كلّ حسب قدرته وطاقته ومسؤوليته, لقول الله جلّ وعلا "قالوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا" وقول رسوله صلى عليه وسلم "من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد, ومن قتل دون دينه فهو شهيد, ومن قاتل دون نفسه فهو شهيد" رواه الترمذي وأبو داوود
وقال: إنه الحبّ للبلاد الذي يلزم أفراد المجتمع أن يتصدوا لكل مخطط ينال من مقدرات البلاد ومصالحها الدينية والدنيوية معاً, قال صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, وإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان".
وبين فضيلته أن المنكرات والوسائل والمخططات التي تنال من عقيدة البلاد وثوابتها, أو تنال من مقدراتها وخيراتها أو تزعزع أمنها واستقرارها, وحبّ المسلم لدياره، يجعله ملزماً لأن يحبّ لبلاده وولاتها وأهلها ما يحبّ لنفسه وأن يرعى مصالحها كما يحبّ ويرعى مصالحه الخاصة ومنافعه الذاتية.
وأوضح آل الشيخ أن من مفاهيم حبّ البلاد في الإسلام أن يحرص كل فرد من أفراد المجتمع على كفّ الأذى والضرر عن البلاد وأهلها, ففي صحيح السنّة من حقوق الطريق إماطة الأذى, كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه في التحذير من وضع الأذى في أفنية الناس وطرقهم ومنافعهم, كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
وأكد فضيلته أن من حقوق البلاد وأهلها على أفراده أن يحذر المسلم من الخيانة لبلاده ولولاتها ولمجتمعها, مشيراً إلى أن أقبح صور الخيانة استغلال الوظائف والمناصب للمصالح الشحصية, ومن أقذر أشكال ذلك الفساد بشتى أنواعه خاصة الفساد المالي الذي جاءت النصوص بالتحذير منه لقول النبي عليه الصلاة والسلام "ومن يغلل يأتي بما غلّ يوم القيامة" كما قال صلى لله عليه وسلم "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري.
// يتبع //
15:04ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة سابعة واخيرة
كما أكد فضيلته أن من حقّ البلاد علينا التعاون مع ولاّه الله, بالعمل الصادق معهم في الظاهر والباطن, وأن نعلم أن طاعتهم في غير معصية واجب من واجبات الشريعة الإسلامية, وأن يحرص كلٌ منا على لمّ اللحمة ووحدة الصفّ, وجمع الكلمة, وأن يكون الجميع مجنّدين لحماية البلاد من كل مخطط يهدف للإضرار والإفساد, فاتقوا الله جلّ وعلا وقوموا بواجبكم تجاه بلادكم يتحقّق الأمن والاستقرار.
وقال آل الشيخ : إذا تقرّر أن حبّ الوطن أمرٌ أقرته شريعة الإسلام, فكيف ببلد يضمّ بين جغرافيته الحرمين الشريفين, والبيتين الكريمين, إنها بلاد الحرمين التي قامت على الإسلام منهجاً ودستوراً, وعلى عقيدة التوحيد قلباً وقالباً, تحكّم محاكمها بالشرع المطهّر, بلد عاش أهلها على السنة وتعظيمها, وإنكار البدع ومدافعتها, فواجبٌ على أهلها وهم ينعمون بالنعم الوافرة أن يتعاونوا على ما فيه سلامة أمن هذه البلاد, وأن يقفوا بالمرصاد لكل مخرّب ومغرّر, لاسيما في ظل هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالعالم كله, داعياً الجميع إلى المحافظة على استقرار الأمن, وحماية البلاد من الفتن المتنوعة, محذراً من دعاة الشر والفساد ووسائل التفريق والتمزيق والتشرذم, لقوله تعالى " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".
وحثّ إمام وخطيب المسجد النبوي الشباب على التمسّك بما عرفت به هذه البلاد من منهج السنّة الواضح الصافي النقيّ, الذي لا يقرّ فيه التطرف ولا الغلو, ولا يعرف فيه منهج بدعي أو فكر منحرف مما يخالف ما قامت عليه هذه البلاد من قيم إسلامية, وأخلاق شرعية, ومناهج عاش الناس فيها لحمة واحدة متعاونين على كل خير, متآلفين على النافع والصالح للبلاد والعباد, وفق التعاون الصادق المخلص مع ولاة أمرها, لتحقيق المصالح المرجوّة, ودرء المفاسد المتوقعة, وأن لا يغيروا ما أنعم الله به عليهم فيغّير الله حالهم, كما قال سبحانه " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.