أعادت المملكة العربية السعودية من خلال إنشاء فرع مكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين بجمهورية الصين الشعبية الحياة مجدداً لطريق الحرير البري والبحري، الذي كان ممراً للتواصل الحضاري والعلمي بين العرب والصين لأكثر من خمسة آلاف عام، إلا أن الفرع الجديد للمكتبة، ، يمثل طريق الحرير العصري الذي يعتمد على نقل المعرفة بأحدث التقنيات وفتح آفاق التواصل الثقافي والعملي من خلال توفير مصادر المعرفة للباحثين والدارسين والمهتمين بالثقافة العربية الإسلامية من أبناء الصين ودعم برامج تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية. بدأت العلاقة الثقافية بين مكتبة الملك عبدالعزيز وجامعة بكين منذ عام 1998م من خلال قيام المكتبة بتزويد فرع مكتبة بكين ومعهد اللغة العربية بالجامعة باحتياجاته من الكتب والمراجع باللغة العربية، بما يعزز قدرة المعهد على أداء مهامه في تدريس اللغة العربية والتعريف بآدابها، وإثراء مكتبة المعهد بمصادر المعلومات باللغة العربية بما يسهم في تنشيط العلاقات الثقافية العربية الصينية. ويمثل فرع المكتبة الجديد في جامعة بكين رافداً للتعريف بثراء الثقافة العربية الإسلامية في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، وذلك من خلال ما يوفره من مصادر معلوماتية عن إسهامات الحضارة العربية الإسلامية وخصائصها المميزة ومنطلقاتها ودورها في إثراء مسيرة الحضارة الإنسانية على مر العصور، إلى جانب أهمية هذا الفرع في التعريف بالثقافة السعودية وتاريخ المملكة وما تشهده من تطور في جميع المجالات، إضافة إلى مكانتها بصفتها مهد الإسلام وحاضنة مقدساته المتمثلة في الحرمين الشريفين، فضلاً عن الدور الكبير المنوط بفرع مكتبة الملك عبدالعزيز في دعم وتشجيع برامج تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية، كون ذلك رافداً للتواصل المباشر بين الثقافتين العربية الإسلامية والصينية يتجاوز الحواجز الناجمة عن اختلاف اللغة. ويضاعف من أهمية فرع مكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين في التعريف بالثقافة العربية الإسلامية أن الجامعة تعد واحدة من أقدم الجامعات الصينية، وهي الجامعة الوطنية الأولى للصين، وتشتهر كجامعة حكومية بارتفاع مستواها الأكاديمي في الآداب والعلوم، ويتبعها 6 أكاديميات منها: أكاديمية العلوم الإنسانية، أكاديمية العلوم الاجتماعية وتضم 42 كلية أو قسماً للعلوم الإنسانية والتطبيقية، ويدرس بها أكثر من 15 ألف طالب جامعي، إلى جانب 22 ألفاً من طلاب الماجستير والدكتوراه. كما تعد مكتبة جامعة بكين أكبر مكتبة جامعية في قارة آسيا، وتضم ما يزيد على 11 مليون نسخة من الكتب والمراجع العلمية ومصادر المعلومات، ما يعزز من نجاح فرع مكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين في تحقيق مردود علمي وحضاري وثقافي كبير في التعريف بالثقافة العربية الإسلامية بين النخب وأساتذة الجامعات والباحثين والطلاب والدارسين في جمهورية الصين الشعبية. // يتبع //