يعيش حوالي مليون تونسي " أي ما يقرب عن 250 ألف أسرة " بالغابات التي تواجه في ثلاثة أرباعها في الشمال الغربي تحديات جسيمة حيث أن معظمها مهدد أو في حالة تلف إضافة إلى التهديدات التي تواجهها بسبب الحرائق . وتعاني الحالة الصحية للغابة التونسية من عدة مشاكل بينها التهرم وسوء التصرف ومشاكل ناجمة عن التعرية والانجراف وتعرضها للحشرات والفطريات الضارة ، ومما زاد في الأمر تعقيدا الحرائق الهائلة التي تعرضت لها مؤخراً حيث تراجعت مساحة إحدى أنواع الغابات ب 50 % . وأطلق مهتمون بالبيئة ومسؤولون حكوميون في الفترة الأخيرة صيحات استغاثة للحفاظ على الغابة وجماليتها وثرواته بعد الوضع الكارثي الذي صارت عليه ووصف بالأسوأ في تاريخ تونس . وشكلت الأحداث الأخيرة التي يشهدها جبل الشعانبي / أعلى قمة في تونس / والمتاخم للحدود الجزائرية الحلقة الأخطر في مسلسل التهديدات للغابات في تونس حيث تسببت العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة التونسية ضد الجماعات المسلحة في اندلاع حرائق كبيرة ولم تقتصر النيران على الجبل بل تعدته إلى أملاك خاصة تابعة للأهالي القاطنين في سفوحه . النيران التي أتت على قرابة 700 هكتار من جملة 7000 هكتار أتلفت العديد من غابات الصنوبر الحلبي والعرعار والنباتات السباسبية " وهي التي تنبت في المناخ الجاف " على غرار الشيح والإكليل وهي أعشاب تستعمل عادة في الأمور الطبية ، وأصبحت غابة الشعانبي التي تعد ثلثي الثروة الغابية في تونس مهددة بالانقراض ، مما سيؤثر سلبا على اقتصاد البلاد . الجبل فقد أيضاً قيمته التاريخية والسياحية إذ يحتوي على أكثر من 50 موقعاً أثرياً يعود تاريخها إلى القرنين الثالث والرابع ميلادي ، وأبرزها المنطقة الأثرية " التلة " التي يوجد بها حوالي 50 معصرة رومانية وهي منطقة تقع في قلب الجبل . ويجمع الخبراء على القول بأنه إذا تواصل الوضع بهذا النسق فإنه من الممكن أن يتم القضاء خلال سنة 2015م على جميع مجهودات التشجير التي بذلتها تونس منذ ما لا يقل عن نصف قرن ، وأن الشجرة لم يسبق أن أصبح وجودها مهدداً بهذا الشكل في تونس . ويرى المتخصصون أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلن تصبح " تونس الخضراء " بل ستتعطل الرئة الغابية التي تتنفس عبرها البلاد . // انتهى // 11:06 ت م تغريد