الحقيقة في الوقت الحالي هي أن أشخاصا عاديين أو ناشطين أو سمهم كما تريد، هم من يتخذون القرارات لتغيير الأوضاع بدلا من القادة السياسيين في بلادهم. هل بعد حرب غزة وحرب لبنان ثم الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة من الممكن أن يقبل العالم مزيدا من السيادة الإسرائيلية؟ لا تفكر كثيرا فيكفي أن ترى البيان الصادر عن البيت الأبيض لتعرف الإجابة، فإدارة أوباما قالت إنها «ستعمل على فهم الملابسات المحيطة بالحادث المأساوي». ولم تصدر كلمة إدانة واحدة بحق إسرائيل، وعشر جثث جديدة أضيفت إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط. والوضع لم يكن بهذا الشكل في الماضي، وتكفي الإشارة إلى الجسر الجوي في عام 1948 الذي مده الأمريكيون والبريطانيون لسكان برلين، مع العلم بأن الألمان كانوا أعداء ولكنهم كانوا يعانون من الحصار الذي فرضته القوات الروسية على برلين، وكان الأمر في غاية الروعة حينها؛ لأن السياسيين والقادة اتخذوا القرارات لإنقاذ أرواح الضحايا؛ أما الآن فقد اختلف الوضع تماما؛ لأن أشخاصا عاديين عربا وأوروبيين وأمريكيين بل حتى بعضا من الناجين من الهولوكوست هم من قرر الذهاب إلى غزة؛ لأن القادة السياسيين في بلادهم فشلوا في ذلك. وليس بمستغرب أن يشن كثيرون هجوما كاسحا على الساسة والقادة في العالم ويسخرون من بيانات الأسف الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة والبيت الأبيض وتوني بلير، ويتساءلون أين كان رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون ونائبه كليج من هذه الأحداث؟ والمعروف أن إسرائيل لم تأبه من قبل عندما طردت بريطانيا وأستراليا دبلوماسييها على خلفية تزوير جوازات السفر الأوروبية المستخدمة في اغتيال محمود المبحوح أحد قياديي حركة حماس في دبي؛ بل ولم تأبه عندما أحرجت جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي، بإعلانها بناء وحدات سكنية جديدة في إحدى مستعمراتها في القدسالشرقية، فلماذا تأبه الآن؟. وأخيرا، فإن العالم كله في حالة غضب شديد الآن...ولكن الزعماء هم الذين يلتزمون الصمت.