تشهد أحياء متفرقة من مدينة الرياض منذ نحو أسبوعين انقطاعات في إمدادات المياه وخاصة أحياء شرق وغرب وشمال الرياض؛ مثل الروضة، وإشبيلية، والحمراء، وغرناطة، وقرطبة، والخليج، والتي تعتبر الأكثر تضررا. وفرضت هذه الانقطاعات المتكررة على السكان قضاء ساعات طويلة في الأشياب للحصول على صهاريج مياه، كما فرضت عليهم أحيانا الخضوع لمنطق العرض والطلب الذي صنع سوقا سوداء زادت من أعباء السكان. «شمس» تجولت على أشياب شرق الرياض حيث تجمعت حشود كبيرة من المواطنين والمقيمين يحاولون الحصول على المياه لساعات طويلة وأرقام متسلسلة وصلت إلى 2000 وسط ارتفاع درجات الحرارة. وأشار راكان الغامدي إلى أن معاناته بدأت مع حلول هذا العام، فقطوعات المياه المتتابعة كلفته الكثير واستقطع جزءا كبيرا من راتبه: «المياه تنقطع عنا دون أسباب واضحة، والكثيرون متضررون من ذلك؛ فلا تكاد تمر أيام قليلة حتى نضطر إلى شراء صهاريج جديدة». لعبة تجار وأكد فهد أن هذه الانقطاعات أشبه بلعبة تجار لهم مصالح خاصة بينهم، مضيفا أنه علم من مدير مكتب أحد الأشياب أن دخله اليومي من صهاريج المياه منذ بدء الأزمة لا يقل عن 100 ألف ريال. أما أبوروان فذكر أن نقل صهاريج المياه إلى المنازل المتضررة ليس هو الحل المناسب للمشكلة، مؤكدا عدم تجاوب سنترال الهاتف المجاني التابع لطوارئ انقطاعات المياه. وذكر صلاح أنه ينتظر دوره لأخذ صهريج الماء إلى منزله منذ 12 ساعة في شيب مياه إشبيلية: «الشيب يكتظ بالمراجعين على مدار اليوم لكثرة الطلب على المياه». وأضاف عبدالله العمري «من سكان حي إشبيلية» أن غرفة عمليات المياه أكدت له أن المشكلة ناتجة عن كسر في أنابيب النقل من المنطقة الشرقية. مشيرا إلى أن المتضررين يمكثون ساعات طويلة في الأشياب تصل أحيانا إلى 10 ساعات كما حدث له. وقال محمد التويجري «من سكان حي الحمراء»: إن المياه منقطعة عن حيهم منذ أسبوعين على الرغم من الوعود الكثيرة من غرفة عمليات المياه بحل الإشكالية: «المشكلة متفاقمة ومصلحة المياة وجهت بصرف رد واحد من المياه تنقله صهاريج صغيرة لا تكفي للاستخدام أكثر من أسبوع، والمشكلة الأخرى أن الحصول على الرد يستغرق نحو 12 ساعة، أما الأرقام فتصل إلى 400، مشيرا إلى أن علم المتضررين بوجود أشياب أخرى خفف نوعا ما من الازدحام هنا». وضرب مطلق العتيبي، من سكان حي الخليج، رقما قياسيا، كما يقول، في جلب صهاريج المياه إلى منزله، فخلال أسبوعين كان قد استهلك سبعة صهاريج: «الصهريج الكبير سعره 180 ريالا، والصغير 72، أما الوقت المهدر فلا يقل عن 10 ساعات لكل صهريج». ونفى أن تكون مصلحة المياه منحتهم صهاريج مجانية لمرة واحدة: «لم نجد منهم سوى الوعود بانقضاء هذه المشكلة التي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على السكان». سوق سوداء أما فهد العقيلي فأكد وجود سوق سوداء نتيجة زيادة الطلب على المياه، فأسعار الصهاريج خارج الشيب تصل إلى 150 ريالا للصهريج الصغير و280 ريالا للصهريج الكبير في ظل غياب الرقابة. مشيرا إلى أن أصحاب تلك الصهاريج يؤمنون حصصهم خلال ساعتين نظرا إلى معرفتهم بمتعهد المياه. وأضاف أن الراغبين في المياه يتم تأخيرهم بشكل متعمد حال وصولهم إلى الشيب إلى 12 ساعة، لكن معرفة الناس بأمر تلك الصهاريج خفض الوقت إلى النصف تقريبا، حتى وصل في بعض الأوقات إلى ساعة نتيجة انخفاض الطلب، وتفرق الناس إلى أشياب أخرى. أما محمد خان «سائق صهريج»، فأكد التزامه بالتسعيرة، لكنه لم ينف وجود محاولات من قبل بعض المستهلكين بدفع مبالغ إضافية لهم من أجل التسريع بتعبئة الصهاريج من الشيب. مضيفا أن الأزمة فرضت عليهم زيادة ساعات عملهم لتغطية الأحياء المتضررة. من جانب آخر، رفض مدير شيب الروضة الإدلاء بأي تصريح حول أسباب الأزمة لكنه أشار بشكل عام إلى أن أسعار الصهاريج لم تتأثر نتيجة هذه الأزمة وبقيت ثابتة كما هي منذ 20 عاما. أشار الخبير القانوني خالد أبو راشد أوضح ل«شمس» أنه يحق للمتضررين من انقطاع المياه مقاضاة المتسبب في الضرر، الذي عليه أن يقدم تبريراته قضائيا ويثبتها. مضيفا أنه إذا ثبت أن هناك ضررا لحق بالطرف الأول لأسباب ليست خارجة عن إرادة مقدم الخدمة «الطرف الثاني» وجب على الأخير أن يدفع تعويضا ماليا للمتضرر