كثير من الأسر لا تجد متنفسا إلا في ارتياد الحدائق العامة. والجميل أن العاصمة الرياض يتوافر فيها أكثر من 279 حديقة ما بين متنزه عام وحدائق داخل الأحياء، فضلا عن عشرات الحدائق التي يتم تجهيزها لافتتاحها قريبا حسب الأخبار التي نسمعها. ولا نغفل أن عددا من الحدائق تحتاج إلى صيانة وإصلاح، كذلك تحتاج إلى توفير وسائل السلامة في الأماكن المخصصة للعب الأطفال، ولكن الذي يؤسف له أكثر هو الإهمال واللامبالاة من بعض مرتادي هذه الحدائق الذين يتركون مخلفاتهم من الأطعمة وقوارير المياه وعلب المشروبات الغازية ملقاة على الأرض، لدرجة أن البعض بجانبه سلة المهملات ويغادر المكان دون أن يكلف نفسه وضع هذه النفايات في المكان المخصص لها. إن وجود مثل هذه الظاهرة في مجتمعنا أمر غريب كوننا نعتبر أنفسنا مجتمعا محافظا ومتدينا، وديننا يحث على النظافة، ثم تجد مثل هذه الممارسات موجودة وعلى نطاق واسع في الأماكن العامة. في هذا السياق أتذكر إحدى الأمهات التي قدمت شكوى ضد إحدى المعلمات لأنها طلبت من التلميذات أن يقمن بتنظيف الفصل، وكانت هذه الأم تقول: إن ابنتي ليست عاملة نظافة. أحسب أنه من الطبيعي أن تنشأ هذه البنت غير مبالية بنظافة المكان الذي تمكث فيه ما دامت تلقت هذا النوع من التربية، والأدهى أن بعض الأطفال يتعاملون مع الممتلكات العامة بعدم اكتراث، بل عند جلوسك في الحدائق العامة قد ترى أحد الأطفال يرمي عمود الإنارة في الحديقة ولا يبعد عن أسرته سوى أمتار قليلة، ولا يجد أي استنكار أو زجر منهم أو أي محاولة لإفهامه أن الحديقة تعد من الممتلكات العامة التي لا يجوز العبث بها. إن عدم تنمية ثقافة المسؤولية وثقافة المحافظة على الممتلكات العامة يقع على كاهل الأسرة في المقام الأول (الأب والأم)، ولكن أيضا تقع مسؤولية لا بأس بها على المؤسسات التعليمية خاصة منذ الصفوف الابتدائية حيث تفتقر مناهجها لتعليم الأطفال احترام حقوق الآخرين.