كان حبيسا لكرسيه وهو يبحث عن طريق سالك يستطيع من خلاله أن يكمل طريقه الطويل والمرسوم لغيره بالطبع. رأيته على الرصيف وهو يقلب بصره في الفضاء، وكأنه يقول: ألا يكفي هذا الكرسي ليكون سجنا لي. كي تأتي هذه الأرصفة الصماء لتصبح سجنا أكبر؟ معوق على كرسيه ينشد طريقا يستطيع المرور عليها وسط مدينة بنيت للأقوياء. بنيت من أجل إنسان بلا عيوب أو هنات، إنسان كامل جسديا. أما الضعفاء أصحاب العلل فالجلوس في بيوتهم هو الخيار الوحيد. ألم تفكروا للحظة لم لا نرى أصحاب الكراسي في مدننا إلا صدفة، وصدفة غريبة بالطبع؟ لأن مدننا صماء بكماء، مصابة بالغرور المستفحل وموت الضمير، مدننا بنيت لنا فقط نحن الكاملين. عندما قررنا تخطيط مدننا كنا مصابين بالعمى الروحي. كنا أنانيين ملء أجسادنا الصحيحة. أخذته إلى آخر الطريق، وكان ممتنا لي طوال الوقت، وكأني فعلت له ما لم يفعله أحد. وكنت أفكر أننا لسنا سوى أشخاص لا نستحق أن نحيا أسوياء ونحن نهملهم بهذه الطريقة المسرفة بالأنانية. المحزن أن هناك بعض المناطق المحدودة بالطبع صُممت لتتجاوب مع حاجاتهم، ولكننا أيضا نمارس قسوتنا وعنجهيتنا وأنانيتنا عندما نستخدم ما صمم لهم ونقف بسياراتنا أمام المسارات المخصصة لهم، ولسان حالنا يقول: مدننا للأقوياء فقط. عندما وصلت به للمكان الذي يريده كان يعتذر.. تخيلوا مم كان يعتذر؟ كان يقول إنه آسف لأنه خرج من بيته ليشغل الناس به وبإعاقته. كان يريد أن يجلس في بيته كي لا ينهكنا بمساعدته، ولكنه خرج لأمر ضروري لا يمكن تأجيله. يا لصغرنا أمام سمو أرواحكم، ويا لقسوتنا أمام حاجتكم. قلت له: هذه المدينة لك تماما كما هي لنا، لك فيها كل شبر كما لنا. المريض هنا نحن وليس أنتم.. لكم الله.