لم تنشغل ريما ابنة الخمسة أعوام بألعابها التي تركتها في غرفتها بالرياض، كانت في قمة تركيزها وهي تتابع أحد المخترعين يعرض طريقة مبتكرة لإزالة المعادن الثقيلة من مياه الصرف الصحي بجدة، بينما كانت شقيقتها سارة في الصف الخامس الابتدائي تحلم بإطلاق «سيارة هوائية» تصبح في المستقبل أول سيارة سعودية تغزو أسواق العالم بأثره، أما سلطان «الهلالي» الذي يتدرب ثلاثة أيام في الأسبوع مع ماجد عبدالله أشهر نجوم الكرة السعودية فلم يفكر في كأس العالم القادمة على الأبواب وتفرغ طوال هذه الأيام مع والده وأشقائه، لمتابعة معرض «ابتكار 2010» الذي اختتمت فعالياته أمس، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في فندق هيلتون جدة. قصة المهندس محمد العجمي أحد المسؤولين في مجموعة مالية ليست سوى نموذج لعشرات الأسر السعودية الذين كانوا شهود عيان طوال أربعة أيام تمثل عمر المعرض المقام في جدة، فشهدوا على موهبة المبدعين في جنبات صالة العرض، وغرسوا حصص الابتكار في نفوس النشء. توظيف القدرات بدأت التفاصيل في الرياض حيث بدأ المهندس أكبر مشروع استثماري في حياته، عندما نجح في توظيف قدرات أبنائه الثلاثة «سلطان، سارة، وريما» في البحث العلمي والاختراعات وحرص على تربيتهم على «حب العلوم» وعشق «الوطن»، وترك لهم العنان ليحلموا بمستقبل أكثر إشراقا. ترك العجمي أعماله بالرياض واصطحب أبناءه الثلاثة إلى جدة لحضور افتتاح معرض «ابتكار 2010» ومتابعة الاختراعات ال «92» التي ستعرض خلاله عن قرب. وفي اليوم التالي اصطحبهم منذ الصباح الباكر من أجل التعرف على أحدث الابتكارات والوقوف أمام كل منها للتعرف على التفاصيل عن قرب، وهو المشهد الرائع الذي لفت أنظار الجميع عندما وجدوا الأب يسأل والأبناء يستفسرون ويطاردون كل اختراع دون أن يتركوه قبل أن يتعرفوا على كل شيء عنه: «أشعر بالأسف أننا لم نصطحب معنا أم سلطان». غاب ماجد وما إن خرج سلطان من حالة الاندماج التي كان عليها وهو يتابع قصة أحد الاختراعات، حتى بدأ يروي اهتماماته: «أنا طالب في الصف الثاني المتوسط بمدرسة دار البراء، أحب العلوم منذ نعومة أظفاري، ولعل ذك كان سببا في تفوقي الدراسي وإحرازي المركز الأول كل عام، لكن ذلك بالطبع لم يشغلني عن بقية اهتماماتي وفي مقدمتها الرياضة؛ حيث أتدرب ثلاثة أيام في الأسبوع في دورة كروية يشرف عليها الكابتن ماجد عبدالله قائد النصر والمنتخب السعودي السابق، لكن كل ذلك انتهى من أجل عيون «ابتكار 2010م». لكن سلطان الذي يشجع الهلال ويحب ياسر القحطاني مشغول بمشروع اختراع سيكون مفاجأة كبيرة في المستقبل، حيث يؤكد أنه يحمل فكرة رائعة سيكون لها صدى في المستقبل لكنه لن يعلن عن تفاصيلها إلا في الوقت المناسب. السيارة البالونة وإذا كان الغموض يكتنف مشروع سلطان فإن أخته سارة التي لا تزال في الصف الخامس الابتدائي تبدو أكثر وضوحا، وتفكر بصوت عال: «مشروعي الذي أعمل عليه هو إنشاء سيارة هوائية، نعم الفكرة بدأت في ذهني من خلال بالونة الهواء التي ننفخها وعندما نفرغها تسير بسرعة كبيرة للأمام، لقد توقفت كثيرا أمام هذه الفكرة وبدأت بالفعل في إنشاء سيارة خشبية مرتبطة ببالونة هواء، تسير مباشرة عندما نفتح باب الهواء ونترك لها العنان. سارة تدرك جيدا أن فكرتها ليست سهلة وتحتاج إلى جهد كبير حتى تتحول إلى حقيقة، لكنها تعرف أن كل المشاريع العملاقة بدأت بفكرة ثم جاء من يرعاها ويحققها في المستقبل، لذا فهي تحلم بأن تخترع أول سيارة سعودية تسير بالهواء وتغزو أسواق العالم كله. أما ريما ابنة الأعوام الخمسة، فإنها تفكر في الاختراعات بشكل مختلف، حسب والدها: «تملك موهبة فطرية في تصميم الأزياء وعرضها أيضا، لكنها مثل شقيقيها سلطان وسارة تحب الاستماع إلى كل ما هو جديد واستشراف المستقبل بعيون حالمة». الرحلة المتجهة من جدة إلى الرياض تأخرت، ليست لظروف جوية، بل لأن المهندس محمد العجمي وأبناءه الثلاثة قرروا التأخر حتى آخر دقيقة في «ابتكار 2010» .