يوصف الجزائري إلياس زرهوني بأنه «طبيب الرؤساء»؛ وذلك لمشاركته في علاج الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، والأمريكي رونالد ريجان، واختياره من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لرئاسة معاهد الصحة الوطنية وهي أعلى مرجع طبي بأمريكا. واختار زرهوني تخصصا غير مألوف عقب تخرجه، هو التصوير الطبي الذي يستخدمه وسيلة لتشخيص الأمراض. واختاره الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما مبعوثا للعلوم بمنطقة الشرق الأوسط. درس إلياس زرهوني الطب في جامعة الجزائر وتحصل على شهادة الدكتوراه عام 1975. ليغادر بعدها رفقة زوجته وهو في سن ال24 لمتابعة مشواره في أمريكا. وهناك تدرج في مناصب عدة اعتمادا على قدراته العلمية، وخصوصا في مجال البحوث. ثم التحق بجامعة جون هوبكنز؛ حيث تخصص في استعمال التصوير الإشعاعي. وفي عام 1978، عين أستاذا مساعدا، ثم تدرج ليصبح أستاذا محاضرا قبل أن يتجاوز سن ال34. وبين عامي 1981 و1985 عمل في قسم الطب الإشعاعي بكلية الطب في فرجينيا الشرقية، وركز على استخدام التصوير الإشعاعي وسيلة للتشخيص المبكر للأمراض. وشهدت حياة زرهوني، 55 عاما، عدة مواقف طريفة ومفارقات منذ أن وصل أرض العجائب أمريكا، «هناك درست تخصص طب الأشعة، وتفوقت، وانتقلت إلى مركز للأبحاث في جامعة جون هوبكنز التي تعد رائدة الجامعات عالميا في مجال الطب وكان ذلك عام 1975، وركزت أبحاثي على السرطان، مع اعتمادي على جهاز الماسح الضوئي «سكانر» الذي كان حديثا نسبيا آنذاك. وفي عام 1978 كنت لا أزال أعمل في مركز الأبحاث وحضرت إلى الجزائر، لكن قيل لي حينها إن الشهادة التي حصلت عليها في أمريكا غير معتمدة، وإن علي الخضوع للاختبارات الداخلية حتى يكون لي الحق في العمل بالجزائر، فأخبرتهم أنني موافق على دخول الاختبارات». وأثناء وجوده بالجزائر أصيب الرئيس بومدين، وكان بحاجة إلى إجراء كشف بجهاز ال«سكانر» الذي لم يكن متوافرا في الجزائر حينئذ، وأجرت السلطات اتصالات بأمريكا وألمانيا من أجل استقدام جهاز لإجراء الفحوص للرئيس، لكن الرد كان سلبيا. وصادف أن وزير الصحة الجزائري آنذاك كان يعرف طبيبا متخصصا في الأشعة، فسأله عن الطبيب القادم من أمريكا، أي عن زرهوني، وهل بإمكانه توفير جهاز سكانر، وفعلا تم الاتصال به ليقوم زرهوني بإحضار الجهاز بعد اتصالات أجراها بزملائه في جامعة جون هوبكنز، وليتولى مهمة إجراء الفحوص للرئيس بنفسه. وبعد عودته لأمريكا، تدرج زرهوني في جامعة جون هوبكنز حتى أصبح أستاذا محاضرا، ثم رئيسا لقسم الطب الإشعاعي عام 1996. وخلال الفترة بين عودته وتعيينه رئيسا للقسم، جاءته الفرصة كي يشارك في علاج ريجان لتصبح هذه هي المرة الثانية التي يعالج فيها رئيس دولة. وحول تعيينه عام 2002 مديرا للمعاهد الوطنية للصحة، التي تضم 27 معهدا ومركز بحث، وتقدر موازنتها السنوية بأكثر من 28 مليار دولار يوضح: «حتى تكون في هذا المنصب لا بد أن تحظى بثقة عمياء من الكونجرس والرئيس الأمريكي، الأمر لم يكن سهلا يومها، كما أني لم أفكر بتاتا في أن أكون رئيسا لهذا المعهد.. لقد رشح مستشارو بوش ثلاثة أطباء، أمريكيين اثنين وأنا». ويضيف: «عندما اطلع بوش على القائمة سأل عني وكيف درست، فقيل له إن زرهوني درس بالجزائر، ثم واصل في أمريكا، وكنت يومها قد استفدت من الجنسية الأمريكية حتى أواصل بحوثي الطبية، فاختارني بوش، وأكد لمستشاريه أن هذا الرجل بنى نفسه بنفسه، وبالتالي سيكون مديرا للمعهد». ورغم اختيار زرهوني مبعوثا للرئيس الأمريكي باراك أوباما في مجال العلوم بمنطقة الشرق الأوسط رفقة العالم المصري أحمد زويل، إلا أنه أعرب عن رغبته في العودة إلى الجزائر لإعداد دراسة تساهم في تقدم الطب بوطنه .