«ذهبت لاستطلاع حال الفلسطينيين ومشاهدة مأساتهم عن قرب». بهذه العبارة الباردة برر نجم الدين والي، الروائي العراقي المقيم في ألمانيا، زيارته لإسرائيل (2007م) مدعوا من الحكومة الصهيونية لحضور ما تسميه «معرض القدس الدولي للكتاب». وبناء على هذا التبرير، يبدو أن الزيارة كانت ناجحة، إذ استمع «والي» إلى صراخ الأمهات الفلسطينيات وشاهد المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني المحروم من الماء والهواء والكهرباء، واطلع على «العدالة الإسرائيلية» في تسمية الأحياء المقدسية: الحي المسيحي، والحي المسلم، والحي اليهودي، والحي الأرمني!. ومع أني لن أخوض في النوايا التي قد تدفع كاتبا مغمورا إلى خطوة كهذه، لأنني مكلف بمحاكمة ظاهر الفعل لا باطنه، لكن نتائج الزيارة كانت حافلة كذلك على المستوى الشخصي، إذ لا يمكن أن نغفل وسائل الإعلام العربية والغربية التي انتشلت «والي» من حضيض الظلمة إلى ذروة الضوء بعد تلك الزيارة التي يمكن اعتبارها رهانا مضمون النتائج. واهية هي الأسباب التي يتذرع بها «المنبطحون» كما سماهم نزار قباني، ويضحكون بها على الذقون الساذجة من أنصارهم الذين انضموا إلى ما قد نسميه «حزب التبرير» على خطى أسلافهم من الراقصين على الدماء الفلسطينية منذ ابتدع علي سالم ورهطه فكرة الانبطاح مقابل الشهرة. ولا يشعر «والي» بأي تناقض بين هجومه المتجني على مفكر عظيم مثل إدوارد سعيد لأنه «يتزلف للغرب» على حد إساءته، وبين زيارته إلى القدس، ووقوفه بقامة منتشية وابتسامة عريضة أمام قبة الصخرة ملتقطا صورة تذكارية نشرها موقع إلكتروني «عربي» مذيلة بتعليق يسمي المدينة باسمها العبري: أورشليم!. وفي الوقت الذي تقاطع فيه إسرائيل على نطاق عالمي من قبل شخصيات غربية مرموقة ليست معنية بقضايانا إلا فيما يتيحه المشترك الإنساني، نقف نحن على أبواب الأندية الأدبية مستقبلين بحفاوة بالغة أديبا لم يجف حبره في مديح إسرائيل و«نواياها الطيبة»، متهما العرب بزراعة الكراهية، وناقما على فيروز «المسيحية» التي حاولت في أغنياتها أن تزيل «آثار القدم الهمجية»!. ورغم محاولته المستميتة أن ينفي تغزله بإسرائيل حسبما قال في الأندية الثلاثة، فإن والي يعرف أن معظم الحاضرين يجهلون أمر كتابه عن هذه الرحلة. بالمناسبة، أين الذين هاجموا العريفي على تصريحه؟ لا أكاد أسمع صوتا.