يتذكر العالم المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول بإنجاز واحد إبان فترة توليه السلطة، التي امتدت 16 عاما، وهو تحقيق إعادة الوحدة الألمانية. وفي آخر مرة ظهر فيها بشكل علني، بدا كول الذي كان قبل ذلك فارع الطول ومشهورا بنهمه الشديد للطعام، واهنا يستخدم كرسيا متحركا ويبذل جهدا كبيرا حتى تكون ألفاظه واضحة. وفي احتفالية أقيمت نوفمبر الماضي لإحياء ذكرى سقوط حائط برلين قبل 20 عاما، استعاد المستشار الذكريات: «ليس هناك شيء عظيم أفخر به أكثر من تحقيق وحدة ألمانيا». ويتعافى رجل الدولة المسن من إصابة في الرأس نتيجة سقوطه على الأرض، كما أجريت له عملية جراحية لاستئصال الحويصلة المرارية. ولم يعد البطل السابق سواء على صعيد المعترك السياسي الألماني أو الأوروبي الذي طوى عامه ال80 يملك من الصحة ما يمكنه من حضور الاحتفالات بعيد ميلاده في برلين تلك المدينة التي نجح في توحيدها وإعادتها عاصمة لألمانيا. لذلك توجه ألف مدعو إلى بلدة لودفيجشافن مسقط رأسه الواقعة على بعد 600 كيلومتر جنوب غربي العاصمة لحضور حفل استقبال رسمي في الخامس من مايو الجاري. والواقع أن كول، وهو دارس للتاريخ، نجح في أن يصنع التاريخ عندما قام الألمان الشرقيون في هدم سور برلين في 1989 وأن يواصل السعي لتحقيق إعادة الوحدة الألمانية في العام التالي. لكن كول، وهو أيضا شخصية تجنح إلى الخروج على وحدة الرأي، تسبب في إحداث أزمة للحزب المسيحي الديمقراطي عندما تبين أنه حصل على أموال للحزب تزيد قيمتها على مليوني مارك «1.3 مليون دولار» عن طريق تبرعات سرية بين عامي 1983 و1998. وأثناء التداعيات السياسية للأزمة داخل الحزب، صعدت سيدة من أصل ألماني شرقي تتلمذت سياسيا على يدي كول كي تقود الحزب وهي أنجيلا ميركل. ومن مفارقات الأمور أن ميركل، التي كان كول يشير إليها بكلمة «فتاتي»، أول من نأت بنفسها علنا عن معلمها السابق بعد أن تولت منصب الأمين العام للحزب. وفي 2005 أدت اليمين الدستورية لتكون أول امرأة تجلس على سدة المستشارية في ألمانيا وفي العام الماضي أعيد انتخابها لولاية ثانية. وفي فيلم تسجيلي تليفزيوني امتدحت ميركل سلفها؛ حيث وصفته ب«مستشار استراتيجي للغاية دائما ما ينظر خلف الأفق». كما صرح الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف، الذي أجرى مفاوضات مع كول حول إعادة الوحدة الألمانية، لمجلة شتيرن بأن الأمور بين الزعيمين لم تكن على ما يرام في البداية لكن بعد أول لقاء بينهما في موسكو عام 1988 تحسنت علاقاتهما