آن للكابتن أن يترجل عن متن طائرته، بعدما حلق في السماء أعواما طويلة، يخيل إلينا أن تلك الكلمات هي ما خطر على بال الطيار جوزيف جرانت قائد أول طائرة حطت على أرض السعودية قبل لحظات من تسليمه الروح مساء الثلاثاء الماضي في ولاية نيويوركالأمريكية، وجابت الطائرة الملكية (دي سي 3) التي أهداها الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت عام 1945 إلى جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود تغمده الله بواسع رحمته، أرجاء البلاد الواسعة عندما كان يتفقد جلالته – رحمه الله – الوطن والمواطن ليتلمس حاجات الجميع بأبوة ومحبة، فيما نعى الأمير سلطان بن سلمان مؤسس ورئيس مجلس نادي الطيران السعودي الطيار جرانت بقوله: “ إن الطيار جوزيف جرانت كان صديقا محبا للسعودية وشعبها، وكان كثيرا ما يحدثني عن ذكرياته مع جلالة الملك المؤسس ومع المواطنين الذي ألفهم وتمنى أن يعود للعيش معهم، واستمرت تلك الذكريات حتى آخر مكالمة أجريتها معه قبل ما يقارب الأسبوع، حيث كان يتمتع بالحيوية وحضور الذهن، على الرغم من تقدمه في العمر وتردده على المستشفى في الأسابيع الأخيرة”. وكان للطيار جرانت مكانة كبيرة وتقدير للدور الذي قام به في خدمة جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وهو ما أهله إلى نيل وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في تكريم وتقدير من الحكومة السعودية لجهوده الواضحة في تلك الأيام المجيدة من التاريخ السعودي، ثم حظي الطيار جرانت بشرف لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال زيارته للسعودية في جمادى الأولى 1430ه. كما استقبله الأمير بندر بن عبدالعزيز، والأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني، والأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز، والأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة، وعدد من الأمراء و كبار المسؤولين. ولم ينس الطيار جرانت تلك الأيام الجميلة التي قضاها في السعودية فدشن في شعبان من العام الماضي في ولاية ويسكنسن الأمريكية، كتاب (الملك عبدالعزيز... طائرته وطياره) ، ضمن النشاطات الثقافية لمعرض الطيران الأمريكي، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ، وتضمن الكتاب الذي قام بإعداده الدكتور مايكل سابا سيرة الطيار جو جرانت قائد طائرة الملك عبدالعزيز وذكرياته عن السعودية في الأربعينيات من القرن الماضي. وأجهش الطيار جو جرانت بالبكاء عند مشاهدته للطائرة (دي سي 3) في متحف صقر الجزيرة بالعاصمة الرياض. وقال إن الملك عبدالعزيز -تغمده الله برحمته- (كان ملكا يحب شعبه كثيرا ويحترمه، ويعمل من أجله، إلى جانب اتسامه بالشفافية التي تعد فلسفة أساسية وبسيطة؛ أوصلت الدولة السعودية إلى ما هي عليه الآن، وجعلت الملك عبدالعزيز من أعظم الرجال على مر العصور).