لو كنت تحب يا سيدي لفهمتني؛ فالقلوب في الحب شواهدُ. ما الحب حبك، ولا العشق يشبه ما تحمله جنبات صدرك، وليست مشاعر العاشق ما وقع عليه إحساسك؛ ففي الحب اسمح لي أن أنعتك بالأمي؛ فأنت بحاجة لأن تتعلم من ألف «أحبك» إلى الياء في النداء، لتقول: يا أملي، يا سعدي، يا حبي، يا قلبي، بكل شجن الحب وعذوبة موسيقاه وروعة معانيه لتخرج من قلب إلى قلب، فتنزل به فتصول وتجول وتعمر وتتربى وتترعرع. وتستأنس، فتذهب وحشة، وتحمي قلبا وتنير فؤادا، فتغدو النفس مدينة سعيدة مبهجة. الحب حين ينزل فينا تسرج له كل الأنوار، وتفتح الأبواب، وتسمع معه كما صوت الشلالات والطيور، وترتسم الشفاه بابتسامة ويغرد إحساس الجسد حيوية ونشاطا، وتتسابق خفقات القلب للتعبير عنه، ويخرس اللسان حتى لا يظهر إلا صوته، تطبعه الجفون داخلها لينعكس لنظر صاحبه في نومه ويقظته. إنه الحب يا صاحبي نديم روح العاشق، فهل تعرفه؟ تفلسف في جل الأمور، وأدعي أي شيء إلا هو، فكما قال ابن حزم الذي كتب في علاماته: «إن له علامات يقفوها الفطن ويهتدي إليها الذكي»؛ إذن فلك في (طوق الحمامة) فيض إن لم تفقه غيضي، وإن تجد نفسك، أو فسر حالك ما ذُكر في السطور، فابدأ من الألف إلى الياء إلى أن تجد في نفسك فوق ما كتبت أنا، وما وصف كتابي، فزد علينا واكتب حالك؛ فالحب سينطق لسان قلمك، وإن لم يكن قد قال قبلها حرفا، فأضف قطراتك؛ فالحب بحر. مها