منذ سنوات قليلة دخلت الدراما التركية في خضم المنافسة الشرسة لكسب عقل المشاهد العربي عبر مسلسلات مدبلجة خرجت بلهجة سورية وبلغة خاصة. ركزت الدراما على اقتسام النصيب الأكبر من كعكة المشاهدة وصبت مسلسلاتها بطريقة مضحكة، فجمعت الحب والحرب والطفولة والغدر والسلام والكراهية والجريمة والرومانسية والضحك والحزن والفكاهة والجد في قالب واحد، محاولة أن تجمع كل هذه المعاني والموضوعات في حلقات تجاوزت حاجز ال 100، مكررة التجربة الرتيبة والموغلة في البؤس للمسلسلات المكسيكية التي ظلت تراوح مكانها لسنوات حتى تحول إنتاجها إلى قنوات لا تشاهد إلا من قبل أصحابها وملاكها! وعلى ما يبدو فإن القائمين على الدراما التركية لمسوا الجانب الخفي، واكتشفوا أنهم لم يجيدوا العزف جيدا على وتر ذوق الشريحة الأكبر من المشاهدين، وفاجأت الدراما التركية العالم والمتلقين خلال الشهر الجاري بمسلسل (صرخة حجر) وهو صرخة فنية رائعة ركزت فيه على لم شتات ما تبقى لها من وجود بات مهددا بالفناء، فأنتجت قصة تهم المشاهد العربي وهي تروي معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال وقصة النضال الفلسطيني، وصبتها على حسب ما تم تقديمه من حلقات أولية، في قالب فني متميز استطاعت من خلاله حل اللغز والوصول إلى أقرب الطرق لعقل المشاهد العربي المشهور بعاطفته وانتمائه وحسه الشعبي . الكل يتمنى أن يسير العمل وفق قضية لا وفق كسب مادي وشهرة والدخول إلى عقل المشاهد عنوة، والقضية هي الأهم، المعالجة وفق الدراما باتت توصل العديد من المعلومات ومن الخفايا إلى بر العلن، وأتمنى ألا يكون العمل مجرد تصفية حسابات سياسية فحسب، وكم كنت أتمنى أن تبادر دول عربية قريبة من المشهد الفلسطيني لإيجاد عمل ضخم، ويا حبذا لو كان مشتركا فهي الأولى بذلك والقدس ليست قضية واحد دون آخر، بل قضية عربية مشتركة، وهذه أمنية وليس كل ما يتمنى المرء يدركه، وعلى العموم كانت هنالك أعمال عربية سابقة حول القضية الفلسطينية ولكنها قدمت على استحياء، أما العمل التركي فيمثل إنتاجا احترافيا، والأمل يحدونا أن يسير بوتيرة متصاعدة حتى يلمس المشاهد الإتقان وينسى ما قدم سابقا من إسفاف في الدراما التركية.