تطوير أدوات العملية التعليمية من ضروريات مواكبة الحداثة وتوظيف التقنية لتحقيق عدة أهداف منها السرعة والإتقان وضمان جودة نوعية في الأداء، ومن ذلك ما قامت به الثانويات الكبرى في مدينة جدة بمقاومتها لمصاعب تصحيح آلاف أوراق إجابات الاختبارات عن طريق التصحيح الآلي، وتجهيز أسئلة موادها بالطريقة الأمريكية عن طريق وضع الاختبارات التحصيلية التي تعتمد على اختيار الإجابة من خيارات متعددة، في خطوة ركزت من خلالها على ضمان عدم ارتكاب الأخطاء في التصحيح، والوصول إلى الدقة في منح درجات الإجابة، والتسهيل على الطلاب في خطوة تباينت ردود الأفعال بشأن جدواها على الطلاب والعملية التعليمية. وقف متاعب التصحيح يؤكد علي عيسى مدير ثانوية الصديق بجدة أن مدرسته بدأت تنفيذ تصحيح إجابات الطلاب إلكترونيا عن طريق الحاسب الآلي وفق برنامج مخصص لذلك، ويقول إن هذه الطريقة سهّلت آلية التصحيح إضافة إلى أهميتها في عدم ارتكاب أخطاء، خصوصا في المدارس الكبرى، مشيرا إلى أن التصحيح الآلي بوسعه تصحيح ما بين 50 و70 ورقة إجابة في دقائق معدودة، حيث إن عدد طلاب مدرسته يبلغ نحو 1461 طالبا، ويتم يوميا تصحيح الآلاف من أوراق الإجابات. ويضيف عيسى: “هذه الطريقة سهّلت الحل على الطلاب، ووفّرت كثيرا من الجهد والوقت، كما أنها سهّلت على المعلم توفير أسئلة بطرق حديثة متبعا نهجا حديثا وعلميا في طرح الأسئلة، وقد أعدّ كل معلمي المواد نماذج أسئلة منذ وقت باكر، وكذلك نماذج إجابات يتم برمجتها آليا عبر جهاز الحاسب حتى تأتي نتيجة التصحيح دقيقة ومتقنة تماما، بحيث تنتهي مسألة الأخطاء التي كانت تقع في بعض المدارس”. وعن الغش الذي يمكن أن يسيطر على الطلاب داخل قاعات الاختبار، باعتبار أن هذه الطريقة تسهم في شيوع الظاهرة، يؤكد محمد الزهراني مدير ثانوية رضوى بجدة أنه تم الأخذ في الحسبان هذه النقطة، ويقول: “عمدنا إلى الدمج بين الطلاب في القاعات من حيث وضع طلاب من عدة فصول مختلفة، بحيث لا يمكن للطالب أن يجد مسلكا للغش، إضافة إلى أن الأسئلة طويلة جدا، وتتعدد فقراتها ويجد فيها من يلجؤون إلى الغش صعوبة كبرى في تمرير المعلومات أو الغش”. الحظ يخدم ويوضح أحمد خضران العمري مشرف النشاط العلمي بتعليم عسير أن بعض الثانويات تلجأ إلى هذه الطريقة من باب الصعوبة في تصحيح مئات أوراق الإجابات، ويضيف أنه ومن خلال مباشرته لبعض الاختبارات وجد أن العديد من الطلاب يفضلونها، خصوصا المتأخرين دراسيا، بل إن بعضهم لا يقرأ الأسئلة نهائيا، وآخرون لا يستذكرون المقرر ويعتمدون على الغش أو الحظ، حيث إن هنالك طلابا لا يجيبون عنها سوى في نهاية الوقت بعد أن تتعذر عليهم طرق الحل، وبالتالي يحلونها عن طريق التخمين، وقد يخدمهم الحظ كثيرا من خلال هذه الطريقة. ويؤكد العمري أن هذه النوعية من الأسئلة لا تعطي مؤشرا أكيدا وعلميا لقدرات الطلاب، فقد لا يحصل طالب متفوق على درجة توازي مهاراته وقدراته وحتى استذكاره، فيما قد يحصل طالب متأخر دراسيا على درجات متميزة من خلال هذه الأسئلة، وهي بالتالي تريح المعلم من خلال وضع الأسئلة وأيضا من خلال التصحيح الآلي الذي يعتمد على جهاز الحاسب الآلي. إيجابيات وسلبيات من جانب الطلاب فقد تباينت وجهات نظرهم بين إيجابيات طريقة الاختبارات التحصيلية وسلبياتها، حيث يؤكد عبدالله سالم الغامدي “ثاني ثانوي” أن الأسئلة جيدة ولكن مشكلتها تكمن في طول فقراتها التي تشتت الطالب أحيانا، إضافة إلى أنه يكون فيها تكرار للفقرات لأنها طويلة، ولكنها تسهل على الطلاب أحيانا من الكتابة المتواصلة، ويذهب عليهم الوقت في الكتابات الإنشائية. أما حاتم آل حابي “ثالث ثانوي” فهو من مشجعي الاختبارات التحصيلية لأنها تقيس مستويات الطلاب عبر المنهج بكل صوره وبكافة جوانبه، ولكنها، بحسب قوله، تفتقر أحيانا إلى قياس كلي لكافة مستويات الطلبة، في حين يقول محمد غسان صافية “أول ثانوي” إن الأسئلة التحصيلية يجب أن تكون في المواد النظرية التي تعتمد بشكل كامل على الحفظ، حيث إن الأسئلة المقالية يجب أن توفر المواد العلمية والتي يجتهد فيها الطلاب وتتبين فيها مستويات الطلاب، فيبرز فيها الطالب المتفوق الذي اجتهد، ومن الممكن أن يحالف الحظ آخر في مادة علمية عن طريق الاختبارات التحصيلية. ويقول تركي الصيعري “ثالث ثانوي”: “الاختبارات التحصيلية تسهم في رفع معدل الطلاب، ولكننا نشكو من طول مبالغ فيه في بعض المواد، وهي بالتالي تشتتنا”, بينما يؤكد باسم الجهني “ثالث ثانوي” أن الاختبارات التحصيلية جيدة إلى حد ما، ولكنهم يأملون في أن تكون مدمجة مع الأسئلة المقالية التي تعودوا عليها في فترات سابقة من الدراسة، أما رضوان قطان “ ثالث ثانوي” فيؤكد أن هذه الاختبارات مجدية في بعض المواد، ولكنها لا تنفع مع مواد أخرى خصوصا العلمية، إضافة إلى أنهم أحيانا يضطرون لمسح الإجابة بعد تعديل إحدى الفقرات وتغيير الرأي بشأن الإجابة فيحتسب الحاسب الإجابة الأولى؛ ما يستدعي التركيز على إجابة واحدة ومراعاة مسح الإجابة الأولى التي تم تغييرها مسحا جيدا. ويشير عبدالعزيز المولد “طالب ثانوي” إلى أن هذه الطريقة جيدة في اختصار الوقت، ولكنها حتما تفيد وتسوق الحظ لبعض الطلاب المتأخرين دراسيا من خلال الإجابة بالتخمين، ولفت طالب آخر إلى نقطة أخرى مفادها أنها تشجع على الغش خلال الاختبارات من خلال تفاهم مسبق بين الطلاب بالغش عن طريق إشارات اليد، في حين أن الطلبة المتميزين قد يجدون حيرة في بعض الأسئلة، ولا يجدون مجالا للتفوق في بعض المواد. تنمية الحفظ والكتابة المعلمون كان لهم رأي آخر مختلف، حيث يشير محمد محفوظ “معلم تربية خاصة” إلى أن الاختبارات التحصيلية تعطي مؤشرات مهمة نحو الصدق والثبات وإعطاء كل طالب حقه، مع انعدام الأخطاء بشكل كبير، علما بأن الأسئلة المقالية مرهقة نوعا ما، إلا أنها تنمي ملكات مهمة لأي طالب، وفي مقدمتها ملكتا الحفظ والكتابة اللتان يحتاج إليهما الطالب في كافة مراحل التعليم. ويقول سلطان السحيمي “معلم لغة إنجليزية” إن الأسئلة التحصيلية متميزة، وتسهم في الموضوعية بشكل كبير من حيث إعدادها وتصحيحها وقياس مستويات الطلاب من خلالها، إضافة إلى أن من ميزاتها شموليتها للمنهج، فهي أسئلة طويلة وتشمل كل الدروس التي تلقاها الطالب في المنهج. ويشير عبدالعزيز النهاري معلم ومسؤول مصادر التعلم في ثانوية رضوى إلى أن لكل تجربة إيجابياتها وسلبياتها، وبعد تطبيق الأسئلة التحصيلية بشكل يشمل كل المواد سنرى نتائجها التي أثبتت في البداية أنها مشجعة وستسهم في تعود الطلاب على تحديث طرق الإجابة والتعامل مع الجديد في عالم التعليم. ويؤكد حسن عسيري معلم ثانوي أن الطريقة التي تتبعها الأسئلة التحصيلية تسهم في حل العديد من الإشكاليات المتعلقة بعدد أوراق الإجابات الكبير في بعض المدارس الثانوية، لافتا إلى أن بعض الطلاب يقبلونها وآخرين يرفضونها، خصوصا من يميلون إلى الاختبارات المكتوبة لأنها تناسبهم وقد اعتمدوا عليها كثيرا.