(ادفع أغني لك) و(ما يخدم بخيل) ما بين التصريح والإيحاء المادي تدار العلاقات في الوسط الفني، وأصبح الوضع أشبه بظاهرة تجتاح الوسط الذي أصبح البقاء فيه للأقوى ماديا، والأكثر رصيدا وحضورا، فما بين فنانين يدفعون هناك فنانون فتحوا أفواههم ك(حصالات النقود)، وأصبح الأقرب إلى قلوبهم من (يدفع أكثر). ولم تبدأ هذه الظاهرة في السيطرة على الوسط إلا في السنوات العشر الأخيرة بعد ظهور الفضائيات والأغاني المصورة التي ساهمت في تراجع الذوق العام، واختلاط الحابل بالنابل، ما دفع عددا من الفنانين في اللعب على (الواقف) وعدم بذل جهد في إيجاد النصوص والبحث عنها والاكتفاء بالأشياء الجاهزة، فإما يغني أو يتولى (السمسرة) الفنية، وهناك فنانون تنازلوا عن حقوقهم المتفردة في الغناء، واختيار النصوص الفنية الجديدة، وفضلوا تقديم أعمال سبق أن غناها فنانون آخرون سبقوهم بها، وطبعا أسباب هذه التنازلات مادية بحتة.. وهنا نستعرض بعض الحالات التي تدار في الوسط الفني.. عبدالمجيد قناص عبدالمجيد عبدالله (قناص) الفرص، وبمجرد نجاح أي أغنية لدى فنان مغمور في الوسط، يجن جنونه ويأخذها منه شراء أو تنازلا، والأدلة والشواهد كثيرة، ولا نذهب بعيدا فأغنية (القوس قوسك) هي في الأصل للفنان عيضة المنهالي، وأغنية (تلفت الناس لامريت) للفنان جابر الكاسر، بل نزلت في ألبومه الرسمي وصوّرها فيديو كليب، وأخذها منه (عصفور الفن)، وغناها بنفس اللون والرؤية دون تعديلات، وأيضا أغنية (شطّن بي غزالي) قدمها الفنان ميحد حمد ثم أخذها عبدالمجيد، ولا يخفى على الجميع أن أغنية (هيبة ملك) للفنانة أنغام، واستغرب الجمهور من الفنان غناءها، ولا يخفى أن الدوافع والإغراءات مادية بحتة. سماسرة الوسط بعض الفنانين والملحنين غيّروا من طبيعة حضورهم الفني، وأصبحوا يتاجرون بأحلام الشعراء الباحثين عن الثراء والذين يمرون ب(زنقات) مادية، وأصبحت (السمسرة) تدار على المكشوف، والشاعر المنتج جاهز بدفتر (شيكاته) بعد سماعه للأغنية جاهزة ملحنة، وبمجرد أن يقبض الفنان يوزع الحصة بينه وبين الشاعر، ولنا في اللغط الكبير الدائر حول أغنية (الأماكن)، وقصيدة (النورس) برهان، فالجميع يعرف أن أغنية الأماكن لم يكتبها منصور الشادي وكان وراء نجاحها الشاعر علي عسيري الذي أنكر أيضا ذلك الموضوع، لكنه ما لبث أن رضخ لأسئلة المذيع أحمد الحامد واختصر الموضوع بقوله: “أنا إنسان أريد اعيش وافهمها يا أحمد زي ما تفهمها”. الفلوس تغيّر النفوس الملحن فايز السعيد أيضا أحد الملحنين الذين يحاولون إيجاد الأصوات التي من الممكن أن تقدم أغاني الشاعر فزاع حتى وإن كانت الأعمال تقدم بشكل مكرر، وليست مختلفة عما قدم من قبل فظهرت أغانٍ عديدة، وتنازل فنانون عن بعض الأفكار التي كانوا يتمسكون بها، كما حدث مع محمد عبده الذي كان يرفض فكرة الظهور في فيديو كليب حتى جاء الشاعر فزاع، وقدم له أغنية (تفرقنا السنين) التي غناها بمصاحبة الفنانة أصالة نصري في فيديو كليب خالف كل توجهات وسار عكس قناعات محمد عبده. جرأة شاعر سببت فضيحة الشاعر عبدالله حمير أكد قبل فترة عبر “شمس” أن المطربة أحلام غنت له من ألحان بديع مسعود عملا باسمه، ونزل على غلاف الألبوم مدونا باسم الشاعر (منصور الشادي)، رغم أنه لم يقبض المبلغ الذي اتفق عليه مع الملحن الذي قام بدور (الوسيط)، وهذا ما دفعه للخروج للإعلام وكشف المستور كاملا. سبب غياب الأعمال الجميلة كثيرا ما يطرح الجمهور تساؤلاته عن سببب غياب الأغنية التي تجمع ما بين الإحساس وعمق المفردة في ألبومات بعض الفنانين الكبار، ويكتفي الفنان بأغنية أو اثنتين تمثل وجهة نظره الفنية والبقية على ذوق المنتجين، وأصبحت كثير من الأعمال التي نسمعها عبر الحناجر الجميلة للفنانين مثل محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وعبدالكريم عبدالقادر جميعها دون المستوى الفني المأمول منهم.