عندما بادر الملك عبدالله في القمة الاقتصادية في الكويت إلى الدعوة للمصالحة العربية بدأت تسير قاطرة إذابة الخلافات العربية العربية، وكان الموقف السعودي يشكِّل الامتداد الطبيعي للسياسة الخارجية السعودية التي تشكَّلت منذ الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله. أطراف إقليمية كانت تقتات على الخلافات العربية العربية؛ بحثا عن دور يتغلغل في مفاصل السياسة العربية. إيران بالتحديد كانت تبحث عن دور إقليمي منذ سقوط نظام صدام حسين؛ لذلك تواجدت في العراق ولبنان وفلسطين، ووضع نظام الملالي استراتيجية متهورة بالسعي إلى إدخال السعودية ومصر في صراعات داخل حدودهما: خلية حزب الله في مصر، وتسلل إلى حدود السعودية. وكانت طهران تعتقد أن ذلك سيجعل السعودية، التي تحارب الإرهاب بحزم، تنشغل بقضايا داخلية تجعلها تتراجع عن دورها العربي؛ ما يعيد لإيران تواجدها في الشأن العربي. لم يدرك نظام الملالي أن الرد السعودي سيكون سريعا وحازما، وأنها لن تتساهل في المساس بأمنها القومي، ركيزة الأمن القومي العربي، فما إن بدأ تسلل المعتدين حتى كان الدعم العربي للسعودية كبيرا بشكل فاجأ صناع القرار في طهران؛ ما جعل أصواتا ناشزة، تؤكد أن أجندتها صناعة إيرانية مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والمالكي في بغداد، تريد إذكاء نار الأزمة بتصريحات مسيئة للسعودية، ثم يصدر متكي تصريحا وكأنه الوصي على الشعب اليمني. الردع السعودي أعاد للأصوات المضادة صوابها، وهي الساعية لحرب عصابات طويلة المدى، ليعود متكي يبحث عن حل سلمي للأزمة، وكذلك حسن نصر الله. بلا شك أن الحزم الرادع السعودي لم يكن فقط لمصلحة السعودية، وإنما لمصلحة العرب في إيقاف التغلغل الإيراني، ولتدرك إيران أن نفاد صبر القيادة السياسية السعودية لم يأت إلا نتيجة العبث الإيراني المستمر منذ عام 2003. الكل يدرك عقلانية القيادة السياسية السعودية وترويها، ورسالتها من الجنوب السعودي وصلت بكل وضوح إلى كل طرف يرى في وحدة الصف العربي سدا منيعا أمام دور إقليمي مزعوم. كلنا فداء للوطن قيادة وشعبا، آباء وأبناء وأحفادا.