وصول جهود مكافحة التدخين إلى شاطئ غرامة ال200 ريال للمدخنين في الأماكن العامة يعني اتجاها قويا للحد من هذا السلوك الذي يتضرر منه كثيرون، ولكن القرار لا يزال في طور الدراسة، ولم يكتسب الفعالية الملزمة بتطبيقه كعقوبة تنطوي على جانب أدبي أكثر منه مادي؛ حيث يشعر المدخنون بخطورة تدخينهم على صحتهم وصحة من حولهم الذين يمارسون اضطرارا تدخينا سلبيا يجدون أنفسهم مكرهين عليه. شر البلية ما يُضحك أحمد محمود، بائع سوبر ماركت، قال ضاحكا: “مع ارتفاع أسعار الدخان فإن الإقبال عليه أصبح أكثر من الأول، وقد لقي الارتفاع استغراب كثير من المدخنين في البداية، ولكنهم مع ذلك اشتروه عند علمهم بأن الارتفاع طال جميع السجائر، ومع الوقت أصبح وكأن شيئا لم يكن، وبدؤوا شراء الدخان يوميا كعادتهم. وأذكر أن أحدهم قال: سأشتري الدخان ولو وصل سعره إلى 20 ريالا”. ويضيف أبو محمد، مدخن منذ 25 عاما: “بدأت التدخين منذ سن مبكرة، وتطورت معي الحالة إلى أن أصبحت مدخنا رسميا، ومضت السنوات على هذه الحال؛ حيث أصبح التدخين رفيقي المفضَّل في عملي ومنزلي وعند الخروج مع الأصدقاء. وعلى الرغم من أن قوانين عملي تحظر التدخين داخل المكاتب فإني أفقد التركيز في عملي دون تدخين حتى أخرج من العمل وأبدأ التدخين!”. تحت الدراسة وعن تأخر صدور القرار يقول مدير برامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة الدكتور ماجد المنيف: “ليس لدي جواب محدَّد عن التأخير، ولكن السبب في ذلك أنه ما زال يدرس في مراحله النهائية للوصول إلى الصيغة المناسبة له، ويفترض أن اللائحة التنفيذية للنظام نفسه من مسؤولية وزارة الصحة حسبما ذكر، وسيقر النظام قريبا”. وأضاف: “نحن نبذل جهدنا لتنفيذ القرار، ولكن لا تزال هناك جهات عدة تتدخل في هذا القرار، والكل له وجهة نظر، ينظر من خلالها أين ستكون المصلحة بشكل عام؟ ذلك هو سبب التأخير، ولكن كما ذكرت فإن القرار في مراحله النهائية التي سترى النور قريبا، لا ضريبة.. بل جمارك ويتابع المنيف: “ليست لدينا في السعودية ضريبة، ولكنها في الدول الأخرى، وتسمى لدينا جمرك، وقد تكون بها رسوم يتفق عليها بطريقة أو بأخرى حسب الأنظمة والقوانين والجهات المسؤولة، والمقصد ألا تكون جمركا واحدا بل تكون هناك جمارك عدة للبيئة مثلا وغيرها من الجمارك التي يتفق عليها حسب النظام”. وعن زيادة الرسوم للحد من المدخنين، يقول: “برأيي الخاص أن المبلغ الذي تمت زيادته لاحقا لم يكن له تأثير كبير في الحد من المدخنين، ولكن ما يدرس حاليا بالتعاون مع بعض الوزارات والجهات المشاركة هو أن تتم زيادة الرسوم 200 في المئة، وهذا ما اتفق عليه في مجلس وزراء الصحة العرب والخليجيين. تطبيق القرار وعن التنسيق بين وزارتي الصحة والتجارة يقول المنيف: “هناك مخاطبات بين وزارتي الصحة والتجارة بأن يكون هناك تقليل وروابط على منتجات التبغ، وهذا ما خرج به الاجتماع الخليجي الأخير في عمان بتاريخ غرة ذي القعدة، ولو رجعنا إلى بعض الصحف لرأينا بعض الضوابط التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع، وقد وزعت على الجهات المسؤولة وفي انتظار تطبيقها بالتنسيق مع الجهات المختصة، وأبرز ما في هذه الاتفاقية هو منع البيع (بالحبة)، ومنع البيع لمن دون ال18 سنة، وأن تكون لدى البائع رخصة خاصة لبيع التبغ، وأعتقد أن الكل متفق عليها”. وأشار المنيف إلى أنه في حالة تطبيق قرار تغريم 200 ريال للمدخنين في الأماكن العامة سيكون ذلك رائعا، وهذا ما اتفقنا عليه؛ حيث نتوقع أن يكون للقرار الأثر الرائع في المجتمع والمواطن، ولم يبق إلا انتظار تطبيق القرار، وسيكون له أصداء واسعة بلا شك. إيذاء محرم الشيخ طلال الدوسري، داعية، يقول: “لا يجوز إيذاء الناس بالتدخين، والرسول (صلى الله عليه وسلم) نهى عن إيذاء المسلم؛ إذ قال: من أذى مسلما فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله. ومن ناحية شرعية فهي حرام، ونظاميا مثلا في أمريكا وبريطانيا وغيرهما هي ممنوعة في الأماكن العامة، وتفرض على المدخنين غرامات، مثلا الصين تصل الغرامة فيها إلى خمسة آلاف دولار، وللأسف فإن لدينا استهتارا بمثل هذه القوانين”.