أكد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، أن الحج موسم للعبادة والتقوى واجتماع للكلمة وتآلف للقلوب، ومن يدعُ إلى غير ذلك فدعوته باطلة. جاء ذلك لدى افتتاحه، أمس، أعمال المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها الذي ينظمه معهد اللغة العربية في جامعة الملك سعود في بهو الجامعة بالرياض، ويأتي تصريح آل الشيخ تأكيدا لتصريحات سابقة دعا فيها حجاج بيت الله الحرام إلى أداء مناسكهم في أمن وطمأنينة، منتقدا من يريدون تحويل الحج من طاعة وعبادة إلى منابر للدعايات الباطلة، وقال: “إن هذا أمر مرفوض”. وقال المفتي العام للمملكة: “على كل حاج الالتزام والانضباط في سلوكه وأقواله وأفعاله، وليعلم أنه في مكان شريف.. بيت الله الحرام أفضل بقاع الأرض.. التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها : “إن الله حرم هذا البلد يوم خلق السماوات والأرض ولم يحرمه الناس، وإنه حرام بتحريم الله له إلى يوم القيامة”. وفي كلمته للمؤتمر، قال المفتي العام للمملكة: “إن هذا مؤتمر مهم وتشجيعه والسعي إلى تدعيمه أمر مطلوب؛ لأن باب اللغة العربية سبب لباب الإسلام، وسبب لباب القرآن والسنة والتوعية بلغة العرب لغير الناطقين بها من أقوى وسائل الدعوة إلى الله”. وأكد أهمية التمسك باللغة العربية والمحافظة عليها، وقال: “نحن لا نحارب اللغات الأخرى، فاللغات الأخرى تعلمها ضرورة لمصالح الأمة، لكن مع هذا كله فاللغة العربية تبقى لأهلها؛ فيجب المحافظة عليها من اللحن والتبديل والتغير؛ لأنها لغة القرآن”. إنجاز غير مسبوق من جانبه، أوضح الدكتور ناصر بن عبدالله الغالي عميد معهد اللغة العربية، أن لأي لغة ميزة ومكانة، فما بالها إن كانت العربية، وللتعليم أي تعليم حق الصدارة والاهتمام، فماذا لو ارتبط التعليم بهذه اللغة المباركة ومن أهمية هذا الارتباط تأتي أهمية هذا المؤتمر ليعالج قضايا اللغة وتعليمها، من خلال محاور كثيرة، ويبحث في جوانبها ومواضيعها المختلفة ما بين المعلم وتدريبه، و المنهج وتصميمه، وبين المقرر وإعداده، وبين تعليم اللغة وطرقها. وأضاف: “إن المؤتمر كثر طلابه، وتباينت أوراقه، وتشكلت 20 ورقة، اختيرت من بين 200، ولقد غرَّبت تلك الأوراق، فهذه أمريكا، وتلك أوروبا، وذاك الشرق أقصاه، وأدناه، وهنا علمنا العربي”. وذكر، أن المؤتمر يأتي بهدف مناقشة القضايا المتعلقة بعملية تعلم وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بمكوناتها المختلفة، ولاستكشاف الجديد في مجال تعلم وتعليم اللغات الأجنبية، كما يهدف المؤتمر إلى تقصي التطورات الجديدة في مجال علم اللغة التطبيقي، ويقدم فرصا للقاء الأكاديمي والبحثي بين المتخصصين في مجال تعليم وتعلم اللغات الأجنبية. وأشار إلى أن عقد الإنجاز والتميز يكتمل بموقع تعليم العربية عبر الإنترنت، وهو إنجاز غير مسبوق في هذا المجال، حيث تجاوز حدود الزمان وألغى قيود المكان، وانفتح على العالم أفراده ومراكزه بمنهجية حديثة نفخر بها، وبها نفاخر وها هم الآن أكثر من ألف دارس يدرسون في هذا الموقع ويتفاعلون مع مدرسيه الناطقين بالعربية من خلال غرف تفاعلية، اقتربت من الواقع وألغيت المسافات والحدود”. الحفاظ على الهوية وألقى الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان مدير جامعة الملك سعود، كلمة رحب فيها بالمفتي، وقال: “إن تشريفكم حفل الافتتاح يحركه الإحساس بالمسؤولية تجاه دور الجامعة العلمي، ورسالتها السامية في تعليم اللغة العربية ونشرها؛ باعتبارها عونا على فهم الدين، وأساسا لا غنى عنه لتلاوة كتاب الله العزيز، واستيعابه والعمل به”، لافتا إلى أن المؤتمر، هو إسهام معرفي وديني تقوم به الجامعة، راجية أن يكلل جهدها بالخير والفلاح. وقال: “إن جامعة الوطن، جامعة الملك سعود، وهي في خضم رحلة تنافسية مجهدة نحو العالمية والريادة، لا تتيح لنفسها التخلي عن الإسهام بكل ما تطيق، في خدمة ثقافة محيطها ولغتها الأصيلة، فمد الجامعة جسور الصلة مع جامعات ومراكز بحثية عالمية، وتحقيقها نجاحات غير مسبوقة في هذا الشأن، لم يصرفها عن الاهتمام بخدمة لغتها وقضاياها المحلية، وها هي تجسد أحد أدوارها بتنظيمها هذا المؤتمر”. وأضاف: “إن تأسيس معهد للغة العربية في رحاب الجامعة، قبل 35 عاما، يؤكد الاهتمام بهذا الشأن منذ وضعت البذور الأولى في تربة الجامعة، وهذا الاهتمام إنما يثبت ضرورة العناية بالهوية الأصيلة، والمحافظة عليها من التخلخل أو الذوبان، ولا سيما ونحن نعيش اليوم عصرا ذا طبيعة مختلفة، زالت منه الحدود، وغاب عنه مفهوم المسافة والزمن، ما يوجب حراسة الهوية وتحصينها عبر تكريسها وتنظيم الفعاليات لها والدعوة إليها، وما يضاعف أهمية المحافظة على هويتنا، ارتباطها الوثيق بديننا الإسلامي وثقافة المجتمع، الأمر الذي يؤكد مدى التلاحم بين كل من الهوية اللغوية والدينية والثقافية. وأشاد الدكتور العثمان بالدور الجليل الذي يقوم به المعهد في هذا الإطار، خصوصا إصداره السلسلة التعليمية الأولى، المتخصصة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكتبا تعليمية أخرى اعتمد عليها كثير من مراكز تعليم اللغة في الجامعات العالمية. ونوه مدير جامعة الملك سعود بمبادرة المعهد لافتتاح موقع لتعليم اللغة العربية عبر الإنترنت، الذي يعد الأول من نوعه على الشبكة الإلكترونية تحت إشراف مؤسسي. عقب ذلك، سلم الدكتور عبدالله العثمان درعا تذكارية للمفتي، ثم تسلم العثمان درعا تذكارية من عميد معهد اللغة العربية. بعد ذلك، بدأت جلسات المؤتمر، التي تناقش مواضيع عدة، منها اللغة العربية باعتبارها الهوية الوطنية ومنظومة المقايسة الصوتية الكمية والمقاربة التواصلية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها والأسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو لغير الناطقين بالعربية والكفاية التخاطبية لمتعلمي العربية من الناطقين بغيرها. وعبر المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، عن شكره لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود؛ على اهتمامها باللغة العربية ضمن رعايتها بالإسلام وإعلاء شأنه، وتمنى أن يحقق المؤتمر الأهداف التي أقيم من أجلها وأن يحقق غاياته.