أوصدت الأبواب أمامنا.. فأين نذهب؟.. هكذا كان لسان حال المئات من العجزة والمسنين والمعاقين والأرامل والمطلقات الذين احتشدوا منذ ساعات الصباح الباكر أمام مكتب الضمان الاجتماعي بالطائف يحاولون عبثا عبور بوابته وسط حالات إغماء بينهم، بعد أن بدا لهم أن تلاعبا وإهمالا مورسا في حقهم الأسبوع الماضي من قبل مسؤولي المكتب من خلال تمرير طلبات الإعانة السنوية عبر “فلتر” المحسوبية والواسطة، حسب وصفهم. وبينما فشل المحتشدون في إيجاد طريق عبر بوابات المكتب، كانوا يشاهدون بعض المحظوظين، يدلفون إلى الداخل، عبر بوابات وصفوها بالسرية، بينما بقوا هم تحت وهج الشمس. وذكر عدد منهم لشمس”، أنهمعلى الرغم من بلوغ بعضهم ال60 وال87 من العمر، إلا أنهم لا يزالون يقارعون “تدخلات الواسطة” منذ سنوات على حساب صحتهم وأجسادهم التي لم تعد تقوى على المكابدة. رفضوا الوكالات وقال كل من ناشي بن مطر العتيبي وعقيل العتيبي (87 عاما) إنهما هنا منذ الأسبوع الماضي وفوجئا كغيرهما ب”إغلاق الأبواب أمامنا، في وقت كنا نشاهد آخرين يدعون للدخول عبر أحد الأبواب السرية لتخليص طلبات إعانتهم المالية”. وأضافا: “نظرا إلى عدم قدرتنا على الاحتشاد وسط هذه الأعداد الكبيرة وكَّلنا ابنينا لمراجعة الضمان وإنهاء متطلبات حضورنا للتقديم كافة على “الإعانة”، لكننا صدمنا برفضها من قبل مدير المكتب”. صلوا الفجر هناك وأشارا إلى أنهما تحاملا على نفسيهما وقررا الذهاب إلى المكتب عقب صلاة الفجر لعلهما يسبقان غيرهما، لكنهما فوجئا بالمئات قد وصلوا قبلهما، بل إن البعض منهم صلى الفجر أمام المكتب. ولفتا إلى أن كل هؤلاء المحتشدين يطالبون بإحقاق العدل واجتثاث الوساطة والمحسوبيات، مؤكدين أن المكتب بإمكانه إنهاء معاناتهم بإعادة النظر في مستحقي الإعانة بالاطلاع على بيانات الحاسب الآلي ومقارنتها ببياناتهم، وتضمين من يستحق في كشوف الإعانة، من دون حضورنا، ورفعها إلى الرياض لكن يبدو أنهم لا يريدون ذلك. في الجهة الشمالية من مكتب الضمان كان هناك مئات المراجعين يطلقون صرخات تكاد لا تسمع، ويحاولون التماسك ومقاومة حركة الحشود المصطفة في طوابير، وفتوة بعض الشباب ممن حضروا رفقة آبائهم أو أقاربهم، فربما يسعفهم الحظ بالدخول. أما عبيدالله، مسن جاوز ال90 عاما، لم تعد رجلاه تقدران على حمله، فحمله ابنه إلى مكتب الضمان.. قال بأنفاس متقطعة: “مكتب الضمان لا يعيننا.. بل يزيد من أعبائنا ونحن في هذه السن”.. وتوقف قليلا، ثم أشار إلى أحد الأبواب الجانبية كان يحرسه عنصر أمني قائلا: “هذا الباب لدخول من لديهم معرفة بأحد العاملين بالمكتب”. إشكاليات الطوابير ولم تكن إشكاليات الطوابير هي هاجس المراجعين فقط.. بل سكان الحي الذي يحتضن مكتب الضمان، فقد اكتظت بعض شوارع الحي بتلك الطوابير.. وبسياراتهم التي سدت منافذ الحي بشكل شل حركة الموظفين وطلاب المدارس. وقال عدد من أولياء الأمور: إنهم “فشلوا في مغادرة منازلهم لتوصيل أبنائهم إلى مدارسهم أمس؛ لانسداد مخارج الحي تماما بسيارات المراجعين للمكتب”.