مع انتشار وسائل المعرفة الحديثة وشيوع استخدام الإنترنت أصبحت هناك صعوبة في ضبط الكم الهائل من المعلومات المتضاربة، التي يتم نقلها من مصادر شتى وتصفيتها من الشوائب، وهو أمر يخشى من تأثيراته السالبة في عقول الناشئة والأطفال، ومن الاختراقات الفكرية والعقائدية التي قد تطولهم وتؤثر فيهم وفي عقولهم الغضة، دون أن يلحظ أحد ذلك؛ نظرا إلى الخصوصية التي تميز التعامل مع شبكة الإنترنت، انشغال أولياء الأمور عنهم وعدم متابعتهم أو فتح قنوات حوار معهم. هذا الواقع المعلوماتي أفرز الكثير من السلبيات؛ فالكثير من العلوم والمعرفة التي حصل عليها الطفل أو المراهق من المدرسة أو البيت قد تتلاشى في جلسة تصفح واحدة على شبكة الإنترنت التي غزت الكثير من المنازل وأصبحت كما رصدها الخبراء تشكل خطرا على الطفل ونشأته. التوعية مطلوبة ويعتقد محمد الغامدي (موظف حكومي) وأب لثلاثة أطفال أن التقنيات الحديثة كالإنترنت أصبحت من الضروريات ويستخدمها الجميع؛ ومن ثم يصعب منع الأطفال والمراهقين من التعامل معها، بل إن ذلك يعني التخلف، لكن على أولياء الأمور توعية الأطفال بما تحويه هذه الشبكة المعلوماتية من موضوعات، وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت.. فالمعلومة من السهل الحصول عليها في هذا الزمن لكن من الصعب التأكد من صحتها وملاءمتها للباحث. التباين مفيد أما سيف الحربي (طالب جامعي) وغير متزوج فيرى أن الأمر طبيعي جدا.. وقال: “هذا التباين الكبير في الشبكة المعلوماتية يجعل المتصفح، سواء كان صغيرا أو كبيرا، يبحث بشكل دقيق وتفصيلي عن مصدر المعلومة ويتحرى في ذلك”.. وفيما يخص المواقع المستهدفة لعقول الناشئة أوضح أن الأمر يحتاج إلى قليل من التوجيه إضافة إلى التربية الحسنة والتنشئة الصحيحة؛ ومن ثم يستطيع الشاب أو الطفل تجاوز كل ذلك والحصول على ما يريده بسهولة تامة. الجهل.. عيب من جهته، يرى عبدالسلام، وهو شاب يبلغ من العمر 14 عاما التقيناه في أحد مقاهي الإنترنت، أن الكم الوافر من المعلومات الموجود في الإنترنت لا يعنيه في الوقت الراهن بشيء.. فهو يبحث عن أشياء محددة ويعرف كيف يحصل عليها.. وقال: “أصبح من العيب أن تتظاهر بأنك لا تفقه شيئا في عالم أصبحت التكنولوجيا والإنترنت فيه عصبا حقيقيا.. الأمر اختلف ونحن الشباب نجيد التعامل مع الإنترنت ولا نخاف من أحد؛ فلدينا عقول تفكر وتميز الصواب من الخطأ”. اختلال المفاهيم وأكد الداعية محمد الخريجي أن عدم القدرة على تمييز الصالح من الطالح يعود في المقام الأول إلى النشأة التي أخلت بكثير من المفاهيم لدى الأطفال والمراهقين، لأن أولياء الأمور أهملوا أبناءهم، وتركوا لهم الجمل بما حمل، وأراحوا أنفسهم من الجهد في التربية، وألهتهم مشاغل الدنيا والأنانية التي تغلغلت في قلوبهم فتركوا أبناءهم تتلقفهم سبل الضياع من أصدقاء السوء في الشارع والإنترنت في المنزل دون ذنب؛ فهم لا يعلمون شيئا عن خطورة الحياة؛ فالآباء يتحسرون عندما يكبر أبناؤهم ويبدؤون مسلسل الضياع والعصيان والتمرد على الأسرة. العزل غير مفيد ويضيف الخريجي أن الأب المثالي هو من يغذي ابنه ليس كما يعتقد الكثير من الآباء بالتكفل بجميع مصاريفه، بل يقوم منذ أن يدرك الطفل بأخذه إلى الندوات والمحاضرات وإحضار كل ما هو مفيد ونافع، ويستغل التقنية الحديثة التي أصبحت في كل مكان حتى في السيارة عبر الشاشات وتشغيل البرامج المفيدة التي تزيد الحصيلة الثقافية للطفل؛ ومن ثم سيميز الطفل والمراهق الشيء الضار من النافع ويهتمان بتحليل المعلومات والبحث وتتوسع مدارك الفهم لديهما، وأضاف أن سياسة عزل التقنية عن الأطفال والمراهقين لم تعد تنفع في هذه الأيام؛ حيث إن الطفل والمراهق سيكبران وتصبح لديهما الأمور الممنوعة مرغوبة، وقد يضيع الكثير من المراهقين من جراء ذلك التصرف.