الدكتور خالد بن عبدالله الخليوي، داعية إسلامي، قدم خلال تجربته التي بدأها في منتصف العقد الماضي، وهو متخصص في شؤون الشباب، الكثير من البرامج الفضائية في حلول مشكلاتهم المتنوعة، ولديه رصيد كبير من الخبرة التي اكتسبها من خلال قربه منهم، الخليوي تحدث عن معاني الشهر الكريم، وعن أبرز ما يميزه، خاصة أننا وصلنا إلى أبوابه، كما تحدث عن برنامجه اليومي الذي يكون عادة مليئا بالدعوة، الخليوي قدم عددا من نصائحه وتوجيهاته للقراء، كما تحدث عن هوايته التي يمارسها بشكل مستمر، وعن أبرز ما يسيئه خلال هذا الشهر الكريم.. الخليوي فتح قلبه ل شمس فكان هذا الحوار: * ماذا يعني لك شهر رمضان المبارك؟ رمضان يعني المنحة الإلهية والرحمة الربانية التي يتيحها الله سبحانه وتعالى كل سنة لنجدد علاقتنا معه وننهل من رحماته ومن آيات كتابه، رمضان في الحقيقة فرصة لكل إنسان أن يجدد علاقته مع الله، وأن يتوب وأن يصحح نيته وأن يطهّر قلبه. رمضان هو العطاء الكبير من الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الضعيف المفتقر إليه؛ لذلك لا يعد خافيا أهمية هذا الشهر الكريم في حياة المسلم، فهو مدرسة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، ونحن خلال هذا الشهر نحاول أن نكثف من كل المعارف؛ لتتم الإفادة منه بالشكل المطلوب. * ماذا يميز شهر رمضان عن بقية الأشهر؟ يمتاز شهر رمضان بما ميزه الله عز وجل، فنزول القرآن الكريم كان في شهر رمضان المبارك، وفي رمضان ليلة القدر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وقال: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وقال: “من قام ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه”. ومن ثم يكون من مميزات هذا الشهر كثرة أسباب المغفرة،؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: “رغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له”. كما أن من ميزات رمضان أن العمرة فيه ليست كغيره، كما أن الأعمال الصالحة تكون ذات أثر عميق في النفس، وإقبال الناس على العبادة والطاعة يكون مختلفا؛ لأن الشياطين مصفدة، والخير عميم، والناس بينهم ألفة أكثر. * لو تحدثنا عن برنامجكم اليومي ماذا يحوي؟ في الحقيقة أنا مقصر تقصيرا عظيما، لكن غالبية ما أقضي فيه يومي في شهر رمضان هو قراءة القرآن، وأحرص كذلك وأدعو إخواني للحرص على تدبر كتاب الله عز وجل، وكذلك الارتباط بكثير من البرامج الدعوية عبر القنوات الفضائية؛ إما على الهواء مباشرة أو عن طريق التسجيل، ويأتي على رأسها مثلا برنامجا ذكرى والركن الرابع على قناة الإخبارية، وبرنامج رحلة التدبر على قناة المجد العلمية، وبرنامج اسمعوني على قناة الراية، وأحضّر للكلمات اليومية بعد صلاة التراويح في بعض مساجد الرياض. * هلا تحدثنا عن أبرز الذكريات الرمضانية؟ ضحك قليلا.. أدركت شيئا يسيرا من الفقر الذي كان يعيشه الناس، حيث كنا نعيش كما كان القدامى يعيشون، وأذكر أنه كان في بيتنا الواقع في منطقة القصيم بئر، وكنا نستخدم القرب، ولم تكن الكهرباء متوافرة بالشكل المطلوب، وكنا نمكث في الصيام ما يقارب 17 ساعة. وأذكر كانت المهفات متواجدة بشكل كبير، حيث لم يكن هناك مكيفات، وحينما أتينا إلى الرياض كان هناك مكيف واحد لدى والدي في غرفته، وكنا نجتمع بجوار باب الغرفة حتى يأتي شيء من الهواء؛ كي نتبرد به، والأكلات كانت محدودة جدا في ذاك الوقت، لكن ما أذكره جيدا أننا كنا نستمتع بالحياة، ورمضان بالنسبة إلينا في ذلك الوقت كان يمثل لنا شيئا عظيما. * كيف كان رمضان في الماضي، مقارنة بالحاضر؟ يقول بعض الناس: “في الزمن الماضي كانت النفوس طيبة والناس في صلاة التراويح أنقى وأصفى، وأنا أقول: لا... ولله الحمد الآن فيه عودة طيبة من الناس، فمثلا وقبل 15 سنة كانت بعض المساجد تمتلئ لأئمة يشتهرون بحسن قراءتهم، أما الآن ولله الحمد والمنة أصبحت كثرة الناس في المساجد تبشّر بالخير، فتجد أن هناك بعض المساجد سعتها لا تتجاوز ستة آلاف مصلٍ، ومع ذلك قد لا يجد بعض الناس مكانا له، وأنا أعرف ذلك بحكم تنقلي بين المساجد لإلقاء الكلمات الدعوية. * حدثنا عن أبرز الأعمال الخيرية التي تعملها في رمضان؟ في الواقع الأعمال الخيرية كثر، ولله الحمد والمنة، لكن أعظم ما أدعو إليه وأستغل الفرصة وأقولها لنفسي وإخواني وأخواتي: “يا أيها الناس من أراد الإحسان ومن أراد السعادة؛ فليحسن إلى خلق الله سبحانه وتعالى، أحسِن إلى الفقير بعطائك، وأحسن إلى الغني بتعاملك وحسن أسلوبك، أحسن إلى زوجتك بأداء حقوقها وإعطائها الهدية، أحسن إلى أبنائك بحسن تربيتهم، أحسن حتى إلى الحيوان بتقديم الطعام والشراب له، فإن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “في كل كبدٍ رطبة أجر”. وأقول: إن من أسرع الأعمال الصالحة التي ترجع بالسعادة إلى قلب الإنسان والطمأنينة في روحه هو الإحسان إلى خلق الله عز وجل، فأحسنوا إلى خلق الله تعالى قدر استطاعتكم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “اتقوا النار ولو بشق تمرة”. * ما الهواية التي تفضل ممارستها؟ أكثر ما أحب القراءة وأستمتع بها جدا، وأجد لذة عظيمة في قلبي إذا وصلت إلى معلومة جديدة في أحد الكتب لم أكن أعرفها من قبل، خاصة إذا كانت هذه المعلومة تتحدث عن شيء في كتاب الله عز وجل لأحد المفسرين؛ تدبر فتوصل لهذه النتيجة أو هذه الثمرة. أما من الهوايات الحركية فأنا إذا كنت مع مجموعة من أقاربي وأصحابي وكانوا يلعبون كرة القدم، فأحيانا أشاركهم لمدة خمس دقائق؛ لكي أقلب النتيجة (قالها ضاحكا). * بماذا تنصح من ضيّع محاسن هذا الشهر في متابعة التلفاز بما يتضمنه من برامج ومسلسلات؟ أقول حينما ضيعت وقتك فأنت قد ضيعت نفسك، والله عز وجل سيسألك عن هذا الوقت، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه..”. فأنا أقول فاز الفائزون وبذل الباذلون وتغير المتغيرون، وأنت ما زلت تتابع وتتأثر بهذه المسلسلات، وكتاب الله عز وجل لا يزال على الرف لم تتقدم يداك إليه لتأخذه وتقرأ شيئا من آياته، بل سيذهب رمضان وأنت لم تنل مغفرة الله سبحانه وتعالى؛ لذلك أنصح الجميع بمراجعة النفس، والحرص على الخير أكثر، وأن يحاول أن يستغل ما تبقى من لحظات هذا الشهر الكريم، وأن يستكثر من الخير والبر والإحسان، ويكفي ما سبق، ويقبل على الله، فهو رحيم غفور، ويقبل العبد إذا أقبل عليه سبحانه، فحري بالإنسان أن يستغل الفرصة وأن يجاهد نفسه ليصلحها، ويؤطرها على الحق، وعلى تتبع الهداية ويبحث عنها في مظانها. * هل من كلمة أخيرة تود أن تختم بها؟ أشكر جريدة “شمس” شكرا جزيلا على جهودها الجبارة، وأسأل الله للعاملين بها التوفيق والسداد والسعادة في الدنيا والآخرة، وأشكر القراء على قضائهم هذا الوقت في قراءة هذا الحوار، وأشكرك أخي، وأتمنى لكم دوام التوفيق، وإلى الأمام يا أيها الأبطال.