لا تزال الطائف تعاني رهق المياه وأزمتها المستمرة، وتداعياتها التي لا تنقطع كل عام؛ ما أفقدها أهميتها وقيمتها السياحية لدى الزوار والمصطافين، وبات من الصعب احتفاظها بمسمى مصيف السعودية الأول بعد أن تلاشت هذه العبارة في الآونة الأخيرة من قبل آلاف المصطافين والسيّاح؛ لما تواجهه مدينة الورد من جفاف محدق وأزمة مياه ضربت مواسمها الصيفية وأنهكت قواها السياحية. وكما جرت العادة، تغص صالات الأشياب بالسكان الذين هرعوا إليها للفوز بوايت ماء، واصطف المئات، أمس أمام نوافذ مياه المثناه والحوية، وكانت “شمس” هناك عند أوقات الظهيرة لتقف على حجم معاناة الأهالي ومقاومتهم الظمأ تحت لهيب الشمس الحارقة في شهر الصوم والعبادة الذي دخل ضمن فصول معاناتهم الطويلة. يقول موسى قليل العتيبي وسالم الجعيد، من سكان المحافظة، إنهم أحوج إلى قراءة القرآن والدعاء والاستغفار في رمضان والبحث عن أعمال الخير، ولكن أبت الشركة ومسؤولوها إلا أن تجرح صيامهم وتدخلهم في دوّامة سباب وشتم للظفر بصهريج ماء. ويتفق محمد المرزوقي ومسفر غازي على أن المسؤولين بفرع مياه الطائف لم يحرّكوا ساكنا تجاه معاناتهم في طوابير الانتظار الممتدة، فما دام أنهم لن يضاعفوا كمية المياه للطائف التي أوقفت عند حد 140 ألف متر مكعب وما يتبعها من محافظات ومراكز، فيجب عليهم إيفاد مشرفين من قبلهم للوقوف على المحسوبيات والوساطة في إدارة الأشياب ووضع حد لتلاعب المستهترين بمشاعر المواطنين وقطع شرايين بيع الكوبونات داخل السوق السوداء أمام مرأى العاملين بإدارة الأشياب، بحسب ما ذكرا. وأشار عدد من المواطنين، أمس، بصالة أشياب المثناه إلى أنهم حضروا منذ التاسعة صباحا وانتظروا حتى الثالثة عصرا وتفاجؤوا بمئات المنتظرين، فما كان أمامهم إلا أن يقفوا ضمن طوابير الانتظار والاصطفاف للحصول على وايت ماء. وأضافوا أن المحسوبيات والوساطة والشفاعات من إدارة الشيب دفعت كثيرا منهم إلى التدافع والسب والشتم والاشتباكات بالأيدي؛ ما دعا رجال الأمن إلى تنظيمهم. فيما طالب آخرون بتكثيف العناصر الأمنية داخل الأشياب لئلا تجر تلك الأزمة إلى كوارث إنسانية ومحاسبة المقصرين والمتجاوزين وترصّد هوامير السوق السوداء داخل الصالات، بحسب قولهم. وطالت تداعيات الأزمة المواقف الخارجية للأشياب؛ حيث ارتبكت الحركة المرورية بالمثناه لقلة المواقف بها، واضطر الكثيرون للوقوف على الأرصفة وإغلاق الشوارع بغية الفوز بوايت ماء، وتساءلوا عما إذا كانت مضاعفة الأزمة لمشقتهم تجيز لهم الإفطار نظرا إلى وقوفهم بالساعات داخل الأشياب حيث لحق بهم العطش في نهار رمضان وأنهكهم الصوم. وكشف أبو نادر أنه ظهرت سوق سوداء وبيع كوبونات بالجملة داخل صالات الاشياب، وقال: “من غير المنطقي أن نصطف لساعات طويلة تاركين أبناءنا وبناتنا مصطفين أمام دورات مياه المساجد لقضاء حاجاتهم اليومية، وهؤلاء جعلوا جيوبنا هدفا لكسبهم المادي وابتزاز المحتاجين لقطرة الماء حيث وصلت أسعار الوايتات داخل السوق السوداء إلى 300 ريال، والدلائل تشير إلى ارتفاع الأسعار في الأيام المقبلة”. ومن جانب آخر أغلقت عدد من دورات المياه داخل المحافظة أبوابها أمام المصلين لانقطاع مياه الضخ عنها؛ ما أوقع الكثيرين في حرج ليلجؤوا إلى تعبئة الحاويات الصغيرة والجراكن من نقاط تعبئتها بالهدا والطريق الدائري لاحتياجاتهم اليومية إلى الطبخ والشرب في رمضان.