يزدان فصل الصيف والإجازات بإقامة الحفلات والمناسبات والأفراح ويضيف أصحاب الحفلات عروضا مصاحبة لمناسباتهم لجذب الأنظار ولإعطاء المناسبة بُعدا جماليا آخر، ورغم اختلافات العروض الشعبية والتراثية إلا أن الكثيرين اختاروا إقامة فن القلطة (المحاورة الشعرية أو الردية) ضمن مناسبتهم، وهو فن معروف من الفنون الشعرية والتراثية له محترفوه ومحبوه وشعراؤه، وهو مواجهة بين أكثر من شاعر يتحاورون حول موضوع أو قضية في إطار محدد بالوزن والقافية، كما أنه عملية بدع ورد شعرا وفتل ونقض بالمعنى بين الشعراء، هذا الفن الجميل والموروث الشعبي يتجه إليه المحتفلون سواء كانوا في القرى أو المدن أو لإقامته في مناسبتهم بهدف إمتاع المدعوين والحاضرين، وعادة ما يُقام هذا الفن نهاية كل مناسبة وحفل؛ ليستمتع الحاضرون بهذا الفن ويقضوا وقتا ممتعا يمتد لقرابة ست ساعات. متعة عن هذا الفن وإقبال المحتفلين على إقامته في مناسباتهم أكد الشاعر الكبير حبيب العازمي (الشبح)، الذي يعتبر من أكثر الشعراء طلبا للمناسبات يوميا، أن القلطة ستبقى من أفضل العروض الشعبية، ومن الطبيعي أن يتجه إليها أصحاب الحفلات والمناسبات؛ لأنها فن محبب إلى النفوس ويجد فيه الحاضرون أنفسهم من المتعة و(الوناسة). وعن معاناة الشعراء قال: “أكيد هناك معاناة من السفر من منطقة إلى أخرى؛ فلك أن تتخيل يوميا التنقل من مكان إلى مكان وتقطع مئات وآلاف الكيلوات، ولكن بصراحة إن كان هناك إرهاق فأيضا هناك متعة. ونحن كشعراء حريصون على إمتاعهم بإضافة أبيات شعرية طريفة أو موالات، وأتوقع أن يتضاعف الإقبال على شعر القلطة خلال السنوات المقبلة”. موروث من جانبه قال الشاعر الجماهيري تركي الميزاني، الذي يطلق عليه محبوه (تركي 2000): “إن فصل الصيف يعتبر فصل القلطة”. وأضاف: “هناك من حارب هذا الموروث، وهناك من قال إنه يندثر، ولكن الدليل على أن فن المحاورة ما زال قويا وموجودا هو الطلب الكبير الذي نجده كشعراء محاوره في هذا الصيف، وهو تأكيد على أن فن القلطة من العروض الطيبة التي تسر وتمتع الكثير، وهو ليس محصورا على القرى، بل المدن الكبيرة تشهد إقامة هذا الموروث بشكل كبير”. معاناة بينما الشاعر المبدع عبدالعزيز العازمي قال عن معاناتهم كشعراء: “شاعر المحاورة أعتقد أن عمله سنوي ولا يتوقف، ولكن في الإجازات وخاصة العطلة أعتقد أن شاعر المحاورة يشعر بإرهاق وتعب شديد من جراء المسافات التي يقطعها، ولكن لا أُخفي عليك أننا في الحفل وحينما تبدأ المحاورة إلى أن تنتهي نقضي وقت طيبا وممتعا”. وعن المواقف التي قد تحرجهم قال: “الإحراج هو أن تكون مدعوا لحفل وقد تتسبب ظروف صعبة مفاجئة في عدم الحضور، وهذا ما لا نتمناه، ولكنني كشاعر حريص على الحضور وتلبية الدعوات على الرغم مما نجده من إرهاق وتعب”. الجمهور يحرص على متابعة القلطة وتحدثت “شمس” مع الكثيرين ممن يتوجهون إلى إقامة هذا الفن في مناسباتهم، وأجمعوا على أنهم يجدون فيه ما لم يجدوه في موروث آخر غير شعبي؛ حيث ذكر أحمد المطيري أنه قبل الإجازة الصيفية قد رتب مع إحدى المؤسسات المهتمة بهذا الموروث لإحضار عدد من الشعراء المعروفين في حفل زواجه، وقال: “كانت إقامة القلطة أول ترتيباتي للزواج كوني حريصا على أن يحضر المدعوون والزوار ويستمتعوا”. ويؤيده الرأي فهد القحطاني الذي قال ل”شمس”: “أعتقد أن إقامة القلطة في المناسبة من الخطوات الإيجابية في المناسبة؛ فهناك حفلات حينما نحضرها نشعر وكأننا في عزاء”. وأضاف قائلا: “القلطة من أجمل الفنون الشعبية، وأنا أعرف كثيرين يقطعون مسافات طويلة من أجل حضور حفلات تُقام فيه القلطات”.