أكدت دراسة صدرت أخيرا عن مركز مكافحة الجريمة أن 45 في المئة من الأطفال يتعرضون لصورة من صور الإيذاء في حياتهم اليومية باعتبار أن 60 في المئة من سكان السعودية هم في سن الطفولة. وقد أصبح إيذاء الأطفال ظاهرة تجتاح المجتمع وتتطلب معالجات حاسمة؛ لأن لذلك تأثيره النفسي المباشر في رجال الغد، خاصة أن بعض طرق الإيذاء غير محسوسة أو منظورة لمن يؤذونهم، أو لا يلقون بالا لبعض التصرفات والألفاظ التي يتم تصنيفها ضمن أدوات الإيذاء. ويعرف الباحثون في علم النفس إيذاء الأطفال بأنه كل فعل أو همس أو قول أو إشارة أو حركة أو صمت يعكس أي نسبة من الأذى مهما تدنت سواء أكان جسديا أم معنويا أم ماديا. ويرجع معظم الباحثين إيذاء الأطفال والاعتداء عليهم إلى عوامل اجتماعية تتمثل في الخلافات الزوجية والصراع بين الزوجين والتفكك الأسري والطلاق ونموذج الأب المتسلط، وعوامل نفسية تتمثل في ضعف القدرة على تحمل الإحباط والضغط النفسي وفقدان الإشباع العاطفي والمعاناة من القلق واضطراب الشخصية والشك والشعور بالاضطهاد والقسوة والصرامة والانفعال وعدم ضبط النفس وضغط الإحساس بالمسؤولية تجاه أفراد الأسرة وإدمان الكحول والمخدرات وعدم قدرة الوالدين على التعاطف مع الطفل. وهناك عوامل ثقافية تتمثل في انخفاض المستوى الثقافي للوالدين والجهل بأساليب التربية الفاعلة والصحيحة وقلة خبرة الأهل في التربية وتوقعاتهم غير الواقعية لقدرات وإمكانات الطفل. وعوامل اقتصادية تتمثل في الفقر والبطالة، إضافة إلى عوامل أخرى مثل العوامل القانونية المتمثلة في الخلافات على حضانة الطفل، وعوامل سياسية مثل وجود أحد الوالدين في دولة أخرى. تتنوع الأساليب والإيذاء واحد يتنوع الإيذاء للطفل بإيذاء جسدي وهي أفعال يقوم بها الكبار تؤدي إلى إصابة الطفل بأذى جسدي يتوافر فيه القصد بالفعل، ويكون مكررا، وإيذاء نفسي يتمثل في إهمال رعاية الطفل صحيا أو تعليميا أو عاطفيا، وقد يتعرض الأطفال لإيذاء غير مباشر يقع من الأسرة وبخاصة الأم. وإيذاء لفظي وهو الاستمرار في استخدام الألفاظ النابية أو الألفاظ السلبية وإعطاء الطفل ألقابا أو معلومات عن شخصه أو سلوكه، وهذا النوع من الإيذاء يعدّ من أشد أشكال الإيذاء خطرا على الحياة الأسرية. وإيذاء جنسي وهو القيام بأي تصرف جنسي أو تصرف مثير للرغبة الجنسية أو انتهاك متعدد لخصوصية جسم الطفل بغض النظر عن قبوله لتلك الأفعال أم لا. تعديل سلوك الطفل ويرى الباحثون الاجتماعيون أن من أفضل السبل لتعديل سلوك الطفل بديلا للعقوبة الجسدية ترك انطباع قوي وواع لدى الطفل بخطورة أو خطأ ما يفعله سواء عن طريق تبصيره بعواقب عدم الالتزام بالأمر أو بما يصر على فعله، إضافة إلى تحفيز ضمير الطفل؛ فشعور الطفل بالمسؤولية هو ذلك النابع من ضمائرنا وبالتالي فإن مخاطبة ضمير الطفل هي ما تجعله أكثر فعالية في عملية التربية ومحاولة منع الطفل من الوصول إلى المغريات المختلفة غير المرغوب فيها من خلال إبعاد الطفل عن كل ما يثير رغبته بالتعرف والفضول؛ حيث لا يصل إلى ما يشكّل خطرا عليه، وتوجيه الطفل إلى خطورة ما قاله. ويشدّد الباحثون على أهمية تجنب الأب والأم توجيه أي لفظ ناب قد يحفظه الطفل ويردده بسهولة؛ فالطفل يقتبس من السلوك أكثر من الكلام؛ فالتوجيه اللفظي وحده غير كاف لتعديل سلوك الطفل ما لم ير قدوة أمامه، مع الحرص على تعليم الطفل أن العقاب لا يعني رفضه هو شخصيا بل معناه رفض ذلك السلوك منه.