في كرة القدم هناك مصطلحات شائعة ذات مدلولات عميقة مثل مصطلح ثقافة الفوز والتهيئة النفسية وهيبة الفريق.. ولو نظرنا إلى وضع النصر فريقا كبيرا لديه شعبية وجماهيرية طاغية فإن الفريق في السنوات الأخيرة فقد هيبته التي تميز بها حتى جاء الأمير فيصل بن تركي فعمل جاهدا على استعادة هذه الهيبة من خلال العمل الإداري والفني والإعلامي بالنصر، ولعل أولى خطوات استعادة هذة الهيبة كانت في إقامة تكريم الأسطورة ماجد عبدالله أمام ريال مدريد وهزيمته بأربعة أهداف مقابل هدف، ثم في تقديم الفريق مستويات جيدة في الموسم الماضي وتأهله إلى اللعب على نهائي كأس الأندية الخليجية وكأس الأمير فيصل ووصوله إلى نصف نهائي كأس ولي العهد، ثم استمر على هذا النهج مع مطلع هذا الموسم من خلال التعاقد مع السهلاوي ب33 مليون ريال أغلى صفقة في الملاعب السعودية، وجلب كابتن المنتخب السعودي حسين عبدالغني، ولعل تصريحه الأخير بأن النصر أوقف المفاوضات مع الموسى والقحطاني كون النصر يرفض المبالغة في الانتقال بالإعارة يعطيك إحساسا بأن النصر له هيبة؛ فهو من يفاوض وهو من يرفض الاستمرار في المفاوضة؛ فاللاعب هو من يتشرف بارتداء شعار النصر.. ثم أتى الحضور الجماهيري في أول تمرين للفريق الذي تجاوز العشرة آلاف متفرج ليقول إن جزءا من هيبة النصر تتمثل في وفاء جمهوره.. ففي ذلك المساء اقترب مني أحد اللاعبين وهو مندهش وسألني: “شجاع.. كل هذه الجماهير ونحن لم نحقق بطولة في الموسم الماضي.. ماذا سيفعل هذا الجمهور لو حققنا بطولة؟”. ابتسمت وقلت: “سيجعلكم أساطير ويحملكم على الأعناق”. في ذلك المساء التقيت بالأمير فيصل بن تركي وعمران العمران وقلت لهما: “هذا الحضور الجماهيري مؤشر على أن هناك قبولا ورضا من العمل الذي تم حتى الآن”. فنظر إليّ الأمير فيصل وقال: “نحن اجتهدنا ولم يتبق سوى التوفيق من الله”. أما عمران فقال: “لو كنت أعرف أن هذا الجمهور سيحضر بهذه الكثافة لقمنا بعمل فقرات متنوعة لإضافة شيء من المتعة إلى الجماهير”. فبادرتهما وقلت: “هل تتذكرون مباراة النصر والاتحاد في كأس ولي العهد؟ هذه المباراة شهدت ثلاث لقطات في دقيقة واحدة تعطيك إحساسا بأن النصر قادم مرة أخرى؛ فبعد أن سجل ريان هدف النصر في الوقت الإضافي ظهرت لقطة الطفل النصراوي الصغير وهو يقفز من الفرح بطريقة معبرة.. طفل يسكن في جدة معقل الاتحاد والأهلي ويشجع النصر بهذا الحماس شيء عجيب، ثم الصورة الثانية وكانت للأمير فيصل وهو يرفع يده بشموخ وفروسية وكأنه يقول النصر عاد كي يسترد هيبته ويسعد جماهيره”. فقال عمران وهو يبتسم: “نعم كانت لقطة معبرة ورائعة”. ثم أضفت وقلت: “أما الصورة الثالثة فكانت لرئيس الاتحاد السابق منصور البلوي وهو يغطي وجهه بشماغه”. فقال الأمير فيصل: “قصدك كان يعض شماغه”. قلت: “نعم”. فقال عمران: “النصر من الموسم الماضي بدأ يرسم نهج الطريق الصحيح وما قامت به الإدارة هذا الموسم هو استكمال لهذه المنهجية”. قلت: “ألا تخشون من عدم التوفيق وهذا التفاؤل المفرط من الجماهير”. فقال الأمير فيصل: “لو لم يحقق النصر بطولة فأنا أتحمل المسؤولية لأنني الرئيس”. وأجاب عمران: “الجمهور عاشق للنصر، والبطولة مسألة توفيق لا أكثر”. فقلت لهما: “أنا شخصيا أرى أن الكرة الآن في ملعب اللاعبين والإعلاميين والجماهير لدعم الفريق ومساندته.. ولدي إحساس بأن النصر سيكون له شأن هذا الموسم؛ فالأمير فيصل طيب القلب وصافي النية وسيعطيه ربي على قدر نيته بإذن الله”. انتهى حواري مع الأمير فيصل وعمران، وابتدأ السؤال في داخلي يكبر: متى يستعيد النصر كل الهيبة ويحقق بطولة الدوري..؟