بدأت إجازة الصيف، وعادت معها عادات الشباب والفتيات التي تتكرر كل عام، من السهر واللهو والتجول في الطرقات.. ولعل أبرز سلبيات ذلك، هي إزعاج الآخرين، حتى أصبح الصيف بالنسبة لكثير من العوائل أمرا غير مرغوب فيه.. بسبب عدم انضباط الأبناء والبنات، في مواعيد نومهم واستيقاظهم، وأوقات خروجهم ودخولهم.. إذ يقطع كثير منهم ساعات الليل سهرا وساعات النهار نوما.. هذا الأمر ينعكس سلبا على الصحة، ويقلل التواصل الاجتماعي، ويعرقل إنجاز كثير من الأمور الأسرية. “شمس” استطلعت آراء بعض الشباب والفتيات والآباء وبعض المهتمين بهذا الشأن حول الشباب والفتيات وكيفية قضاء وقت الإجازة وإمكانية الاستفادة منها: شكوى الوالد يشكو فؤاد الحاجي، رب أسرة، من فراغ أبنائه في الإجازة الصيفية، ويقول: “إنني أعاني كثيرا من أبنائي، وخصوصا وقت الصيف، حيث يختلف نظامهم بشكل تام أثناء الإجازة، وتختلف اهتماماتهم”. ويوضح: “إنهم يسهرون على التلفاز أو الألعاب غير المجدية ويجلسون على الإنترنت لطلوع الشمس”. ويضيف الحاجي: “حاولت كثيرا منعهم، والتحدث إليهم، لكن كانت إجابتهم (ليس لدينا ما نفعله، اتركنا نرتاح من المدرسة وأيام الامتحانات)”. ويقول: “إنني ألوم المدارس، لعدم توعيتها الأبناء، حول كيفية استغلال أوقات فراغهم فيما يفيدهم، ويكسبهم معارف جديدة”.ويذكر الحاجي أن “أغلبية المراكز الصيفية لا تخدمنا كأولياء أمور ببرامج جديدة، حيث تعتمد على الأسلوب التقليدي القديم، وهو لعب الكرة، ومسابقة الألف سؤال”. ويعرب عن رغبته “في تنظيم دورات تعليمية قصيرة، تعود بالنفع على أبنائنا، وتنمي مداركهم الثقافية”. من حقنا ويذكر تركي بو قسمي، طالب بالمرحلة الثانوية، أن “الصيف يعتبر متنفسا، وذلك للحرية التي نعيشها خلاله”. ويضيف: “بعد قضاء عام دراسي كامل، من حقنا أن نتمتع بالإجازة”. ويوضح: “لا يوجد شيء يحفزنا للنهوض في الصباح الباكر”. ويشير بوقسمي إلى أنه يقضي معظم وقته على الإنترنت لغاية الصباح، “ومن ثم أذهب إلى النوم، وأستيقظ بعد صلاة المغرب، للخروج مع الأصدقاء والأقارب إلى المجمعات التجارية، ومنها للذهاب إلى بعض المقاهي، لاحتساء القهوة، وبعدها نلعب الورق مع الأصدقاء، ومن ثم أعود إلى البيت لقضاء الوقت المتبقي على جهاز الكمبيوتر”. ما صدقت! ويقول فيصل الدوخي، طالب بالثانوية العامة: “عن نفسي لا أصدق أن ينتهي الموسم الدراسي، كي آخذ قسطا من الراحة، وأقضي أوقاتا جميلة مع الأصدقاء والأقارب”. ويرى الدوخي أن “من المفترض أن يكون هناك برامج توعوية خلال الصيف، وينسق معنا كطلاب أثناء الموسم الدراسي، للالتحاق بالبرامج ودورات التدريب الصيفية المتنوعة”.ويشير الدوخي إلى أن برامج المراكز الصيفية بالمدارس تقليدية. ويقول: “نحتاج إلى دورات توعية وتثقيف، تنمي مداركنا وتزيد معرفتنا وتخدمنا في حياتنا العملية”. أين الواجبات؟ من جهته؛ ذكر الشيخ صالح التيسان، مستشار أسري بمركز التنمية الاجتماعية بالأحساء، أن “من الملاحظ خلال الإجازة الصيفية اتساع وقت الفراغ لدى الشباب”. وأضاف أنه: “أمر غير مستغرب بعد فترات الدراسة والاختبارات”. وقال: “لكن الشيء المزعج هو قلة الاستفادة من هذه الأوقات بين البنين والبنات”. وأوضح “إن البرنامج اليومي عند كثير من أبنائنا هو النوم الكثير والسهر الكثير”. وأضاف أن هذا “يربي الشباب على الخلل في البرنامج اليومي، في أمور عدة منها التقصير في أداء الواجبات العبادية، وخصوصا الصلاة التي تضيع أوقاتها بسبب النوم، وكذلك التقصير في أداء حقوق الوالدين”. التقصير وأشار التيسان إلى أن “هناك من الآباء والأمهات من يحتاجون إلى عون أولادهم في أعمالهم، التي ينفقون منها على أسرهم، أو حاجة الأمهات إلى من يخدم أفراد الأسرة”. وذكر أن التقصير يصيب النفس أيضا من خلال “إهمال الشباب بناء قدراتهم الذاتية، التي تجعلهم أصحاب مهارات حياتية، ترفع من قدراتهم على التعامل مع شؤون الحياة اليومية”. وأضاف أن “التقصير يعود أيضا على حق الوطن الذي يرجو من الشباب أن يكونوا معاول بناء في كل الميادين الممكنة”. وأشار إلى “الخلل الأمني الذي يحدث، حيث تكثر حوادث الطرق والمشادات بين الشباب، وما يترتب على ذلك من إصابات وإشغال لرجال الأمن”. مسؤولية مشتركة وأوضح التيسان أن “المسؤولية مشتركة بين جهات عدة حكومية وأهلية”. وقال: “من الجهات الحكومية التي ينبغي أن يكون دورها أكثر فاعلية في شغل أوقات الشباب بما يفيدهم ويفيد أهليهم ومجتمعاتهم؛ هناك وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة العمل، ووزارة الأوقاف، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة الإعلام”.وذكر التيسان أن هذه الجهات عليها أن تفتح الآفاق أمام الشباب خلال الإجازة الصيفية. وأضاف أن “من مؤسسات المجتمع المدني، هناك الجمعيات الخيرية، ومؤسسات رجال الأعمال الخيرية، والشركات الكبرى، واللجان المحلية للتنمية الاجتماعية”. نوادي الصيف وأكد التيسان أهمية التوسع في فتح النوادي الصيفية، وتوفير الإمكانات المادية والمعنوية، والتنويع في برامجها لتكون أكثر جذبا للشباب. وأشار إلى دور وزارتي التربية والتعليم العالي في فتح مرافق المدارس والجامعات في كل المناطق والمحافظات للشباب، والإعلان عن ذلك، وتصميم البرامج المناسبة لكل شرائح الشباب، ليكون الاستيعاب أكبر.ودعا التيسان إلى تكثيف المحاضرات والبرامج التدريبية والتوعوية والتعليمية للشباب في المساجد والنوادي والمخيمات الصيفية الخيرية. وقال: “لعل قيام كل المؤسسات الحكومية والأهلية ببعض ما ذكر يخفف تدريجيا من الفراغ الذي لا تحمد عواقبه على شباب الوطن”.