قال الشيخ أحمد بن حفير الحفير القاضي في المحكمة الجزئية ببريدة إنه لم يحرم مطلقا “ارتداء ملابس الأندية الكافرة وتشجيعها”، مضيفا أنه لم يفت بذلك: “وإنما سبق أن أجبت على سؤال وحصل خطأ في فهمه”، في إشارة إلى الفتوى التي كانت منشورة على موقع نور الإسلام ونشرتها “شمس” في عددها 1262 بتاريخ 3 / 7 / 1430. وأوضح الحفير في تعقيب رسمي بعث به إلى الصحيفة أن: “مجرد لبس ثياب الكفار لا بأس به إلا إذا كانت الثياب خاصة بهم أو ترمز إلى ديانتهم أو تعظيم شخص بصورة أو غيرها، وأما مجرد لبس الماركات فلا بأس بها ما دامت سالمة مما سبق ويرجع في هذا إلى فتوى اللجنة الدائمة رقم 16585”. وأكد: “لم أمنع من تشجيع الأندية الكافرة إلا إذا تضمن ذلك موالاة عقدية وموافقة لهم فقط وما عدا ذلك فلم أقل بالمنع منه”. وشمس” إذ تنشر تعقيب القاضي الحفير، مراعاة لأصول المهنة الصحافية وإيمانا منها بحق الرد والتعقيب، لتؤكد ما ذهبت إليه في صراحة تحريم القاضي الحفير لارتداء قمصان الأندية الكافرة، مستندة في ذلك إلى الفتوى التي كانت منشورة في موقع نور الإسلام ونسبت إلى الشيخ وجرى تغييرها واختصارها في الموقع بعد نشرها في “شمس”. وننشر هنا نص الفتوى كاملا، تاركين للقارئ الكريم الحكم: سؤال: هل يجوز أن أرتدي بلوزة (فانلة) لناد رياضي مشهور، وهذا النادي تابع لدول الكفر مثل برشلونة أو مدريد؟ وهل الحكم واحد في ارتداء بلوزة لدولة كافرة مثل إسبانيا أو البرازيل؟ جواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين. أما بعد: لا يجوز لك أن ترتدي ملابس خاصة بالكفرة أو بالأندية الكافرة وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم). رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: (خالفوا المشركين). متفق عليه، وقال: (خالفوا المجوس). رواه مسلم، وقال: (خالفوا اليهود). رواه أبو داود. وفي صحيح مسلم (2077) عن عبدالله بن عمرو أن النبي صَلَّى الله عَليهِ وَسَلمَ رَأَى عليه ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الكفارِ فَلا تَلبَسْهَا). وقال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من تشبه بغيرنا)، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى حديث حسن، رواه الترمذي وغيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - مبينا حكمة الشريعة في تحريم التشبه بالكفار، ووجوب مخالفتهم في الأمور الظاهرة؛ كالألبسة ونحوها: (وقد بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان من هذه الحكمة: أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر - وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة - لأمور: منها: أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيا لذلك، إلا أن يمنعه مانع. ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة، توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين. وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام الذي هو الإسلام - لست أعني مجرد التوسم به ظاهرا أو باطنا بمجرد الاعتقادات، من حيث الجملة - كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنا وظاهرا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرا بين المهديين المرضيين، ومن المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية. هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحا محضا، لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم كان شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم، فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له). وبهذا يعلم حرمة التشبه بالكفار وحرمة لبس ألبستهم وخاصة التي عليها شعارهم، بل يحرم تشجيع أنديتهم الرياضية إذا تضمنت الحب والمؤازرة والمولاة. فقد قال تعالى عن إبراهيم وأبيه: (فَلَمَا تَبَيَنَ لَهُ أَنَهُ عَدُو لِلَّهِ تَبَرَأَ مِنْهُ) (التوبة:114) وقال تعالى (قَدْ كَانَت لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكمُ الْعَدَاوَة وَالبَغضَاء أَبَدا حَتَى تؤمِنوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة: 4) وقال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ) (المجادلة: 22 ) والله تعالى أعلم