بكل هدوء وشموخ وإيمان راسخ، تستعد أسماء عبدالحميد (27 عاما) المحجبة لدخول البرلمان الدنمركي وتناضل من أجل ذلك، وهي حاليا عضوة في المجلس البلدي لمدينة (آودنسه) ثالث أكبر مدن الدنمرك. وأسماء التي هاجرت إلى تلك المملكة الإسكندنافية وهي في السادسة هربا من نير احتلال الصهاينة لبلادها، والتماسا لظروف حياة كريمة، تقول إنه على الشباب المسلم عدم الانكفاء، والمشاركة في الحياة العامة في الدنمرك والاستفادة من التعليم المتاح للجميع وحرية التعبير وذلك لتقديم أنفسهم للدنمركيين وإعطاء الصورة الصحيحة للإسلام. كما أنها تريد أن تعطي مثالا للفتيات المسلمات بقيمة وأهمية الحجاب، وأن من يحترم مبادئه فلا بد أن يحترمه حتى أعداؤه. ورغم اعتراض حزب الشعب اليميني المتطرف على دخول المحجبات إلى البرلمان، إلا أن البرلمان أقر في إبريل من العام الماضي السماح لأعضائه من المسلمات بارتداء الحجاب، وهنا وللحق، لا يملك المرء إلا أن يبدي إعجابه واحترامه كذلك لسيادة القانون في هذا البلد، حتى وإن كان لدينا تحفظات عليه. يذكر أن رئيس الوزراء الدنمركي صرح بأنه إذا دخلت أسماء منصة البرلمان فلن يخرج، إشارة إلى عدم اعتراضه، وردا على أصوات اليمين المتطرف، حكمة قالتها أسماء وهي أنها تريد من الدنمركيين أن يحكموا عليها من خلال ما في رأسها وليس من خلال ما على رأسها. أما النموذج الثاني لشموخ الفتاة المسلمة في وسط علماني غربي فهي البلجيكية من أصل تركي ماهينور أوزدمير (26 عاما) والتي انتخبت عضوة في برلمان بروكسل الإقليمي، وبدأت المشاركة في جلساته بحجابها الإسلامي لأول مرة في تاريخ بلجيكا، بل إن الصحف البلجيكية ذكرت أنها الحالة شبه الوحيدة في أوروبا. وهذه النائبة المسلمة أيضا لم تسلم من المضايقات وأصوات الاحتجاج من بعض أعضاء البرلمان وغيرهم في بلجيكا، لكن الثقة بالنفس بعد الإيمان الراسخ، والذكاء الاجتماعي، وروح المثابرة والتحدي، إضافة إلى الاعتزاز بالهوية، كل هذه العناصر جعلت من ماهينور وأسماء جوهرتين بهرتا بتألقهما الأوربيين العقلاء والمنصفين، فما بالك بالمسلمين. إن انتهاز أجواء الديمقراطية والحرية بالتمسك بالهوية الإسلامية والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية هو قمة التحضر من جهة، وأرقى وأعظم وسيلة للدعوة وإظهار صورة الإسلام الصحيحة، والرد بكل هدوء (وبقوة ناعمة) وشموخ على المحاولات المستميتة للنيل من أوجه الحضارة الإسلامية. تحية إكبار واعتزاز إلى أسماء وماهينو ومن سار في دربهما.