لا يختلف اثنان على أهمية القراءة بالنسبة إلى الإنسان في زيادة مخزونه الثقافي والعلمي، وإلمامه بجميع مستجدات العصر، خصوصا الأطفال الذين تساعدهم على إنعاش عقولهم وتفتيح أذهانهم ومداركهم؛ لتلقي مختلف العلوم في مستقبل حياتهم الدراسية والعملية. لكن لاحظت خلال تجوالي في مكتباتنا العامة والخاصة عدم وجود كتب قيَّمة للطفل تعلمه الوطنية والانتماء والعادات والتقاليد، وتنشر ثقافة حب الآخر وأهمية الإبداع والدراسة. ومن وجهة نظري الخاصة فإن هذا الأمر يحتاج إلى المتابعة وإخضاع ما ينشر في هذا المجال إلى التقييم من قبل هيئة عامة تعنى بالشأن الثقافي، خصوصا في مجال الأدب الموجه لأطفالنا؛ لأن كتابة أدب الأطفال تحتاج إلى أُناس متخصصين في علوم الأدب والنفس والاجتماع واللغة. والأدب هو ركيزة ثقافية أساسية، وهو تشكيل أو تصوير تخيلي للحياة والفكر والوجدان، من خلاله أبنية لغوية، وهو فرع من فروع المعرفة الإنسانية العامة، ويعنى بالتعبير والتصوير فنيا ووجدانيا عن العادات والآراء والقيم والآمال والمشاعر، وغيرها من عناصر الثقافة، أي أنه تجسيد فني تخيلي للثقافة. ويشمل هذا المفهوم الأدب عموما، بما في ذلك أدب الأطفال، لكن أدب الأطفال يتميز عن أدب الكبار في تثقيف أطفالهم، وهذا يعني أن لأدب الأطفال، من الناحية الفنية، مقومات الأدب العامة نفسها، غير أن اختيار الموضوع وتكوين الشخصيات وخلق الأجواء، والاستخدامات اللغوية، في أدب الأطفال تخضع لضوابط خاصة، تناسب قدرات الطفل ومستوى نموه. ويعد أدب الأطفال أداة في بناء ثقافة الطفل؛ فهو يسهم في نقل جزء من الثقافة العامة إلى الأطفال بصورة فنية.