طالب كثير من الأصوات بإحداث قانون خاص يحد من تنامي حالات الابتزاز التي طفت على السطح إلى جانب قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي أقِر العام الماضي وتضمنت مادته الثالثة الإعلان عن عقوبات تطبق في حق المبتزين تصل إلى السجن مدة لا تزيد على العام وغرامات مالية لا تزيد على 500 ألف، وذلك إلى جانب 16 مادة أخرى تخص جرائم المعلومات. ودعوا إلى إيجاد تشريع يمثل ضمانة قانونية لمن يتعرض للابتزاز ذكرا كان أو أنثى. في الوقت ذاته؛ اعتبر مختصون أن الابتزاز حالات فردية، “لا تدخل ضمن إطار الظاهرة لغياب الإحصاءات الرسمية في هذا الشأن”. بيد أن حراكا حكوميا طرأ على الساحة أخيرا، أثمر عن تشكيل لجنة لحماية الفتيات من الابتزاز، كشفت عن وقوع حالات يومية للابتزاز. ضمانات لحماية الفتاة أوضحت فوزية الخليوي عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة وعضو لجنة حماية الفتيات من الابتزاز؛ أن اللجنة المشكلة أخيرا لحماية الفتيات من الابتزاز تقوم برصد هذه الحالات لعدم وجود إحصائيات رسمية. وقالت: “من خلال عملي باللجنة فإن الحالات كثيرة، حيث أتلقى من حالة إلى حالتين يوميا”. وأضافت: “يجب استحداث مادة قانونية معلنة تكفل للفتاة السرية التامة”. وأوضحت أن “كثيرا من الفتيات يتراجعن عن إتمام موضوع الإيقاع بالشاب المبتز، خوفا من ورود أسمائهن فى السجلات، أو خوفا من انتقام الشاب بعد انتهاء القضية”. وأكدت الخليوي أن هذا القانون “سيسهم كثيرا في حماية غالبية الفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز قسرا”. وأشارت إلى أن الابتزاز غالبا ما يكون جنسيا وماليا، ولا تريد الفتاة الخروج من المأزق إلا بعد ضمانات قانونية تحميها”. وأوضحت الخليوي أن “العقوبات الشرعية يستطيع تقديرها الباحثون الشرعيون والقانونيون”. وطالبت بأن “يكون العقاب قاسيا وعبرة للجميع”. مشيرة إلى أنها “وقفت شخصيا مع حالة ابتزاز تعرضت لها فتاة مع رجل ابتزها لمدة 16 سنة ماديا وجسديا، وطلقت بسببه مرتين”. وأضافت أنها “كانت لها محاولات للاستعانة بالجهات الرسمية لكنها باءت بالفشل”.وذكرت ان التقنية سهلت الابتزاز الذي وصل إلى مستويات خطيرة. الدراسة أولا من جانبه؛ ذكر علي بن محمد القرني المتحدث الرسمي باسم فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة الشرقية أنه “لا يمكن لنا في أي مشكلة طفت على السطح، أن نقرر أنها ظاهرة أو خلافه، إلا بدراسة علمية أكاديمية تسبر الأسباب والمظاهر والعلاج عبر إحصاءات دقيقة شاملة لجهات الضبط الجنائي والتحقيق والمحاكمة ولشرائح متعددة من عامة الناس”. وأشار إلى أنه “يتأثر بالمشكلة من لم يتقدم بالشكوى أو الدعوى”. وقال: “لذا سعت الدولة إلى تشكيل لجنة من عدة جهات لدراسة مشكلة الابتزاز والخلوص إلى توصيات”. وعن سن نظام لمواجهة جرائم الابتزاز؛ قال القرني:”من الأنجع سن نظام للجرائم الأخلاقية عامة، ومنها جريمة الابتزاز، كونه شبيها بنظام مكافحة المخدرات”. ورأى أن “يطبق في المراحل الثلاث؛ الاستدلال والتحقيق والمحاكمة”. وأشار إلى أنه يجب أن يخص الحالات التي لم تستخدم التقنية في الجريمة، “لأن هناك نظاما للجرائم المعلوماتية مطبقا حاليا في حالات الابتزاز التي تتم عن طريق التقنية، من قبل هيئة الأمر بالمعروف وهيئة التحقيق والادعاء العام والقضاء الشرعي”. وأكد القرني أن الابتزاز “مشكلة مقلقة ولا تنسجم مع الطابع العام للمجتمع السعودي”. وعلل ذلك بأن “فيه مساومة على ما يمس شرف الإنسان”. وأوضح أن “أحد الطرفين أحيانا في بداية الأمر يكون شريكا بالتساهل والتمادي في تكوين العلاقة، إلا أن من عاد للهدى ولو في منتصف الطريق فقد تاب وأناب”. ودعا “الفتيات وكل من يتعرض للابتزاز بإبلاغ الجهات المختصة، ومنها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الانصياع أو الضعف أمام المبتز”. الحاجة ملحة وأوضح الدكتور محمد النجيمي عضو مجمع الفقه الإسلامي ورئيس الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية وأستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، أن “المجتمع بحاجة إلى منظومة من القوانين في المسائل الجنائية لمواجهة بعض الجرائم كالتحرش والابتزاز”. ولفت إلى أن “الحاجة باتت ملحة إلى استحداث قانون للابتزاز، ضمن منظومة عامة تستكمل فيها جميع الموضوعات الجنائية، في تنظيم قانوني لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية”. وعن ملامح هذا القانون؛ قال النجيمي: “يجب أن تفرض عقوبات على المبتز رجلا كان أو امرأة، شخصا بعينه أو مجموعة أشخاص”. وطالب بعقوبات تعزيرية رادعة لهؤلاء، “وأن يشهر بهم إن لزم الأمر، حتى تنتهي هذه الظاهرة الخطيرة”. وأكد أهمية أن “يقرر المشرع نوع العقوبة وأن تتضح معالم أقصى وأدنى عقوبة، وألا يترك الأمر للاجتهادات”.