تعد المدونات الإلكترونية من أخصب الساحات التي يكون شدة التنافس فيها محفزا على الإبداع وتقديم الأفضل في كل المجالات، سواء أكان محتواها خواطر شخصية أو مناقشات موضوعية لقضايا مجتمعية، أو تنفيسا عن هموم يومية؛ الأمر الذي شجّع أكثر من 65 مليون شخص في العالم لإنشاء مدوناتهم الشخصية. والسعودية (بالطبع) هي جزء من هذا العالم؛ إذ تشهد ساحة التدوين تناميا مطردا وحضورا مميزا من قِبل شباب وفتيات السعودية، وباختلاف أساليب الطرح التي تتبعها هذه المدونات في الكتابة والعرض يكمن الجمال في التنوع الذي يلائم كل أطياف المجتمع، ووصل الحال ببعض أصحاب هذه المدونات ومرتاديها إلى اعتبارها بديلا جديدا للمقالات الإلكترونية التي كان مجالها محصورا في المنتديات العامة، وتختلف المدونات عن غيرها من أدوات الكتابة الإلكترونية من حيث قدرتها على الانتشار السريع بين أرجاء الوطن العربي؛ إذ تخضع في بعض الأحيان لتقييم النخبة المثقفة من الجنسين؛ ما يكون حافزا للمدون على التواصل مع هذه الأطياف، وتلقي ردات فعلهم على ما يُكتب. وبنظرة سريعة لاستخراج الفوارق بين المدونات الذكورية والأنثوية لا نكاد نجد فروقا كبيرة، عدا أن مدونات الفتيات (في الأغلب) تأخذ الطابع الأنثوي في التصميم وتناول القضايا المرتبطة بهن وحدهن. وتعتبر المدونات من أسهل الطرق التي تفتح مجالا واسعا للباحثين عن الشهرة الذين يحرص بعضهم على لفت الأنظار بطرق المواضيع الحساسة والتماس مع خطوط المجتمع الحمراء. ويتحدث باسل المطرفي صاحب إحدى المدونات الذي بدأ الكتابة مذ كان عمره 15 عاما عن تجربته في التدوين: “تعد المدونات الإلكترونية من أهم وأسهل الوسائل والطرق للتواصل وإبداء الرأي، وطرح الأفكار المختلفة والتعبير عن الذات، ونحن كمدونين اتجهنا إلى هذه المدونات لعدة مميزات وجدناها متوافرة في هذه الساحة، منها أنها مجانية، أو ذات أسعار رمزية”. ويسترسل المطرفي في إبراز مميزات المدونات التي يراها: “تحقق الانتشار الواسع، والشهرة اللا محدودة بشكل أكبر من الجرائد أو المجلات؛ فأنت توصل من مكانك الأفكار والآراء التي تؤمن بها إلى أصقاع الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وبالتالي الوصول إلى عدد كبير من القراء بأبسط الطرق وأسهلها”. ويذكر المطرفي ميزة كبرى تضاف إلى المزايا السابقة: “نجد الحرية في الطرح؛ فليس هناك أية رقابة على ما نطرحه في مدوناتنا سوى الرقابة الذاتية من المدون نفسه، كما أن الشركة المستضيفة لمدونتي غير مسؤولة قانونيا عما أدرجه من مواضيع؛ فأنا المسؤول الأول والأخير عما يكتب على سطح هذه المدونة”. ويبدي المطرفي أسباب دافعه وحماسه للتدوين: “لعل الدافع الأول لنا كمدونين هو تلاقح الأفكار وتباريها؛ فهناك كُتّاب وأكاديميون على مستوى عال من الثقافة يقيّمون كتاباتنا ويبدون آراءهم فيها، والمدونة تعطيك الحرية في وضع معلوماتك الشخصية كاملة من الاسم والمهنة حتى طريقة التواصل مع الكاتب، وأيضا تستطيع أن تلحق بمدونتك الشخصية عدة مدونات صديقة تنصح الزائرين بمتابعتها”. ويختتم المطرفي حديثه بنصيحة للاتجاه إلى المدونات: “هي عالم آخر ورائع أتمنى للكل أن يجربوه ويبدعوا فيه”.