حفل القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي توضح الأعراض التي تصيب الإنسان في مراحل العمر المتتالية. فقد قال الله تعالى: (وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ). فالشيخوخة ليست نشاطا دائما وليست انسحابا تاما من الحياة، وإنما هي مرحلة من مراحل عمر الإنسان. لذلك يفضي الانسحاب من الحياة بدعوى الشيخوخة والتقاعد إلى ضياع الوقت وبالتالي جزء من عمر الإنسان فيما لا فائدة منه. والعمل الشاق الذي لا يتحمله الإنسان الشيخ والمسن أيضا فيه ظلم؛ لأن لبدنك حقا عليك، وإن التقدم في العمر والوصول إلى مرحلة الشيخوخة يختلف من شخص إلى آخر. وتتأثر حياة كبار السن بالعديد من العوامل الاجتماعية والثقافية الاقتصادية والنفسية؛ فالمجتمع الذي تسوده أخلاق الأثرة والأنانية والمصلحة الضيقة، لن يجد المسنون فيه رعاية لائقة ومناسبة، كما أن المجتمع الذي تسوده قيم العدل والإحسان والإيثار، سيبدع الكثير من أشكال الرعاية لكل الحلقات الضعيفة في المجتمع ومن ضمنهم كبار السن؛ لذلك فإن مجموع العوامل الاجتماعية والثقافية، تؤثر سلبا أو إيجابا في مستوى الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمسنين. إن المسن القادر على العطاء حينما يتوقف ويخلد إلى الركون ويتعذر بتقاعده دون تشغيل طاقاته واستثمار إمكاناته، سيصاب بالعديد من الظواهر المرضية سواء على المستوى النفسي أو المستوى الجسدي؛ لذلك ينبغي لنا كمجتمع أن نبحث عن التدابير اللازمة والأطر المناسبة، حتى يستمر المسن في القيام ببعض الأعمال المناسبة، وذلك ضمن إطار وسياق تنموي اجتماعي لا يستثني كبار السن عن القيام بالأدوار المطلوبة. واطلعت على القضية المنشورة في العدد (1187) الصادرة الأحد 12 / 4 / 2009 بعنوان (لجنة وطنية وخليجية لرعاية المسنين)، وأود في هذا السياق التأكيد على ضرورة إنشاء مراكز أو نواد للمسنين لمساعدتهم على الاستمرار في النشاط العقلي والجسمي والنفسي، ومن الأهمية بمكان أن تكون أنشطة هذه المراكز والأندية ملائمة نفسيا وجسديا واجتماعيا للمسنين، وذلك لأن لكل فئة عمرية متطلبات معينة لا بد من الوفاء بها.