هناك تجار شنطة يجوبون الأسواق ويعرضون بضاعتهم بأساليب مختلفة وبنفس القدرة يكون البيع.. وهناك أيضا كُتَّاب شنطة يكتبون هنا وهناك كيفما اتفق، لا تهمهم الفكرة ولا المضمون بقدر ما يهمهم كم يقبضون.. ويستغلون الكتابة للوجاهة والخدمات الخاصة. بهذا الأسلوب يصبح من الصعوبة احترام الكاتب مهما كان، وتدخل كتاباته خانة الرمي في السلة. الكثير منهم تطالعك صورته ومقالته التي يتحدث فيها عن أخيه وأخته وأمه وزوجته وأكلته المفضلة وخادمته واتصالاته و(أنا) المتورمة جدا وعلاقاته الممتدة من البرازيل حتى ما وراء الصين.. منتشرا بين أكثر من صحيفة وعلى مدار الأسبوع، والمحصلة التكرارية والذاتية المفرطة. عدد من هؤلاء يرسلون مقالاتهم بالعشرات فكل جريدة لها مجموعة من المقالات تبدو فيها الكتابة مطبوعة على ورق أبيض نظيف، أما المحتوى فإنه لا يعدو كونه مجرد تعبئة فراغ لاستلام المبلغ المدفوع.. تبقى المسؤولية على الصحف التي تفتح صفحاتها لهذا النوع من الكُتَّاب؛ اعتقادا أن ذلك يكسبهم مزيدا من القراء والانتشار.. أحد أولئك الكتاب لكثرة ما يرسل من مقالات إلى صحف مختلفة تداخلت عليه الأوراق وأرسل موضوعا إلى عدد من الصحف، وبعد القراءة اتضح أن موضوع الصفحة الأولى يختلف عن الثانية، بحيث أن التداخل الذي حدث هو في حقيقته مواضيع مختلفة، وأصبحت القراءة النهائية مضحكة كأنه يقرأ على طريقة الأسطر المتعرجة.. آخر يملك قدرة عجيبة وصبرا لا يكل ولا يمل بجمع أسماء على طريقة أحمد لافي جدة.. سعيد الغامدي الباحة.. خيلفة الدوسري الدمام.. عبدالرحمن المنعي الأحساء.. على الخالدي عنك.. سامية الهاجري الدمام، ثم يرد على نفسه بتلك الأسماء، وهو ما قد يعرّضه للفضيحة في حال لم ينشر المقال؛ لأن الرد أُرسِل قبل المقال! ارحموا القارئ من هذا السيل العارم وال(أنا) المتورمة، وتوقفوا قليلا لمراجعة الأوراق قبل أن تتداخل الحروف والكلمات بشكل أكبر تبدو بعدها مجرد غثاء كغثاء السيل.. ارحموهم من بعض تلك الكتابات التي تخرج بكميات وافرة، لكنها ناقصة.. الكلمات التي لا تصلح إلا أن تكون ديكورا لمن يعشق أن يتزين بها في داره ويبقيها حبيسة الرفوف ولأغراض الوجاهة والمصلحة الشخصية والخدمات الخاصة.. إنها مرض الكتب والأوراق المزيفة والعقول المريضة!