كشفت اختصاصية اجتماعية أن ما نسبته 90 في المئة من حالات الإهمال والاعتداءات الجنسية والجسدية والعاطفية التي يتعرض لها الأطفال تقع ممَّن هم أكثر الناس حبا لهم وأكثرهم عطفا عليهم وأقربهم وهم الآباء والأمهات والأقارب، وأشارت رنا الصيرفي مديرة مركز (كن حرا) لحماية الأطفال من الاعتداء، خلال محاضرة (معا ضد التحرش بالأطفال) التي نظمها المكتب النسوي لبرنامج تنمية الشباب بالدمام إلى عدة عوامل تفرز الاعتداءات وتؤثر فيها، منها ضغوط الحياة وعدم سيطرة الوالدين على انفعالاتهما كالغضب، علاوة على عدم إلمامهما بالطرق البديلة للعنف في التربية، إلى جانب الفجوة التقنية والمعرفية التي تزداد اتساعا بين الأطفال ووالديهم. وقالت الصيرفي إن تعريض الأطفال للعنف والإهمال الشديدين في السنوات الثلاث الأولى من عمرهم يؤثر سلبا في مخ الطفل؛ حيث يؤدي إلى تقلص حجم مخ الطفل إلى ثلثي الحجم الطبيعي ويجعل من الصعوبة بمكان تدارك هذا الخطأ وإصلاحه بإعادة تأهيل الطفل بسبب الأثر الذي ترك على عقل الطفل. وأكدت أن أبرز حالات التحرش الجنسي ضد الأطفال تصدر من أشخاص متزوجين وتظهر بصور متعددة منها لمس الأعضاء الخاصة للطفل أو المعتدي والتفوُّه بكلمات ذات طبيعة جنسية، إضافة إلى تصوير الطفل عاريا أو تعريضه لرؤية صور خليعة، وأخيرا ممارسة الجنس معه. وأوضحت أن الاعتداء الجنسي يُحدث تأثيرات ذات عمق داخل الطفل من خلال إيحاءات ذات طبيعة جنسية بفعل انطباع صورة دائمة في ذهنه يريد تطبيقها، مشيرة إلى أن الطفل ذا السنوات الخمس يمكن أن يشعر بنشوة جنسية إذا تعرض لتحرش جنسي، وعلى الأمهات في هذه الحالة ألا ينسقن خلف غياهب هذا الاتجاه، بل يعملن على تحفيز الجانب الإيجابي لدى أطفالهن وتدريب الأطفال على مهارات حماية الطفل وإنكار هذه التصرفات ونبذها، مؤكدة أن حماية الأطفال من أنواع الاعتداءات والتحرشات مقرونة بحجم التواصل مع أهاليهم. وأبانت الصيرفي أن أكثر الأطفال عرضة للتحرش هم الأطفال الذين تربوا في بيئة عنف أسري، إلى جانب الأطفال المعوقين وغير الواثقين بأنفسهم والأطفال الذين يعانون ضعفا في الشخصية والمصابين بأعراض الخوف والتوتر، إضافة إلى الطفل الذي تعرض لاعتداءات سابقة بسبب تولد عدائية تجاه نفسه على خلفية الاعتداءات السابقة؛ ما يجعله عرضة للاعتداء بنسبة كبيرة. واستعرضت رنا الصيرفي عددا من الأسباب الداعية إلى قيام المعتدي بالتحرش بالأطفال، منها إحساسه بالقوة والسيطرة والانتقام من طفولة تعيسة، إلى جانب تعرض المعتدي لاعتداءات في طفولته، مطالبة بوضع قوانين محددة وواضحة لحماية الأطفال من التحرش وتعزيز الحوار مع الأبناء من خلال تعزيز الصفات الجيدة لديهم ومنح مساحات رحبة من الثقة والاحترام.