معرض مجاني للعائلة مهند السنيد (24 سنة صاحب مجموعة من السيارات المعروضة أمام المجمع التجاري) أجابني وهو جالس على مقدمة إحداها، يحتسي قهوته المفضلة: “إن هذه هي الطريقة الأسهل لبيع سياراتي بأسرع وقت ممكن، وذلك بإيقاف السيارة في إحدى الطرق المزدحمة بحركة السكان، كالأسواق والمراكز التجارية وغيرها. لقد وضعت اللافتة وعليها رقم جوالي، وكل ما يتعلق بمواصفات السيارة؛ ليكون الزبون على اطلاع تام بمواصفاتها، ويسهل له الاتصال بي، وتسهل عملية البيع والشراء، ويكون الاتفاق بالهاتف. وإذا تمت الموافقة، نتقابل وتتم عملية البيع”. ويذكر مهند: “لست الوحيد الذي يقوم بالبيع بهذه الطريقة، ولكن كل هذه السيارات هي لإخوتي ووالدي وعدد من أقاربي (يشير بيده إلى عدد من السيارات المعروضة)، حيث نقوم بهذه الطريقة منذ قرابة سنتين، ولله الحمد نحن نخرج من هذه الطريقة بالربح الكثير”. دون (شريطية) ويكمل مهند السنيد حديثه إلي، وهو يراقب سياراته وسيارات أقاربه المعروضة للبيع، ويتفاوض مع زبائنه، ويتواعد معهم في أماكن يجتمعون فيها لعقد صفقاتهم المربحة، ويقول: “إن سبب استخدام تلك الساحات لعرض السيارات هو أن زبائن السيارات عادة ما يبحثون عن أجواء هادئة لفحص السيارات، والتفاوض مع أصحابها في أجواء بعيدة عن (شريطية السيارات)، الذين يعملون دائما على رفع الأسعار وخفضها بالشكل الذي يناسبهم.. لكن هنا يجد الزبون الجو المناسب له” إذا حضرت الشرطة..؟ لم يكمل مهند السنيد حديثه معي؛ تركني وذهب إلى أحد الزبائن من الجنسية الفلبينية؛ ليتفاوض معه حول إحدى سياراته المعروضة التي أعجب بها.. وفجأة يختفي مهند عن الأنظار، كان السبب ظهور إحدى سيارات الأمن، التي بدأت تطوف بالموقع، حتى الزبائن بدؤوا يبتعدون شيئا فشيئا عن السيارات المعروضة؛ فتعجبت للمشهد! مآرب أخرى توقفت سيارة الأمن عند ماكينة الصراف الآلي، وأنا أرقبها بعيني لعلها تذهب، سحبني أحدهم من يدي وقال لي: “إن أصحاب تلك السيارات لهم مقاصد أخرى من طريقة عرضهم هذه؛ فهم يعرضون أرقام هواتفهم بقصد المعاكسة”! بينما ذلك الرجل يحدثني إذا بي أرى (مهند) يبدأ بإدارة محرك إحدى سياراته، ويهم بتغيير موقعها؛ حتى لا يقع تحت طائلة المساءلة. اتجهت إليه مسرعا لأتحدث معه عن السبب، ف قال لي وهو على عجلة من أمره: “هذه الطريقة التي نستخدمها لبيع سياراتنا ممنوعة من قبل رجال الشرطة، وبذلك نضطر كل يوم أو يومين إلى تغيير مكان السيارة، والذهاب بها إلى منطقة أخرى؛ كي لا يتم إيقافنا ومساءلتنا”. ويوضح مهند: “سبق لي أن توقفت، وسحبت سيارتي من الموقع الذي أوقفتها فيه”. سألته مباشرة: “هل هذه الطريقة في البيع لها مقاصد أخرى كالغزل مثلا؟”.. أجاب مهند: “لست من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه الأفعال والتصرفات؛ لأني أسعى لكسب رزقي بطريقتي الخاصة، ولكن هناك من الشباب من يفعل ذلك بقصد المعاكسة، وهذا منتشر كثيرا”. تبرير عدد من المواطنين المتعاملين في سوق السيارات، يقولون إن عرض السيارات بهذه الطريقة للبيع له ما يبرره. ويوضح عبدالكريم القحطاني أن صاحب السيارة يلجأ إلى البيع بهذه الطريقة، خشية من التعطيل، حيث إن بعض أصحاب المعارض لا يهمهم سوى مصلحتهم، وفي حالة ما إذا كان لديهم سيارات مشابهة يودون بيعها، يقومون بزيادة سعر سيارة الشخص الذي يسعى لبيع سيارته، ليصرفوا الزبائن. ويؤكد القحطاني أن بعضهم يكسِّر سعر السيارة، ليبخس صاحبها حقه، فيعطي السيارة سعرا أقل من قيمتها الحقيقية، وهذا غير جائز شرعا، لذلك نجد صاحب السيارة يبحث عن سبيل آخر لبيع سيارته. ويطال ب بإيجاد أماكن أخرى تقوم البلدية بتهيئتها لعرض السيارات فيها خارج المعارض، على غرار أماكن باعة الخضار الجائلين، التي وفرتها أمانة الرياض. ويرى عبدالله المسعد الذي يعرض سيارته في أحد مواقف المجمعات التجارية أن هذه الطريقة تشير بشكل غير مباشر إلى أن سيارته استخدام شخصي، وهو ما يجعلها تحقق سعرا أفضل مما لو تم عرضها في أحد المعارض. ويشبه المسعد بيع السيارات في مثل هذه الأماكن، باللوحات التي توضع فوق الشقق للبيع أو للإيجار. مظهر مرفوض التقيت سعود العبدالله الذي كان يتسوق في أحد المراكز التي تحولت ساحتها معرضا للسيارات التي يرغب أصحابها في بيعها، وسألته عن رأيه في الظاهرة فقال: “مواقف بعض المراكز تحولت إلى معارض شبه دائمة للسيارات التي يرغب أصحابها في بيعها، ما يسبب لنا مضايقات نحن المتسوقين، خاصة في الأوقات التي تكتظ بها الأسواق بالمتسوقين، حيث نجد صعوبة في إيجاد مكان لوقوف السيارة، فنضطر للذهاب إلى مكان بعيد لكي نوقف سياراتنا. ويضيف أن هناك شيئا آخر يسبب لنا الإزعاج وهو الازدحام الذي يسببه الراغبون في شراء تلك السيارات، حيث يوقفون سياراتهم في مواقف الأسواق ويشغلونها دون وجه حق، أو يوقفونها أمام تلك السيارات المعروضة، ما يؤدي إلى اختناق المرور، ويعرقل حركة السير. ويذكر أن هذه الظاهرة غير حضارية وتدل على سلوك غير متمدن، يسيء إلى مظهر مدينتنا، ويضيف: “مشكلات أخرى لحركة المرور التي تعاني أصلا من كثير من المشكلات”.