لا تستقيم الحياة من دون الأنظمة والقوانين، ولا تحفظ الحقوق دون وجود الضوابط الشرعية والقانونية ولا تستمر العلاقات دون وجود الاتفاقيات والمعاهدات. ومنذ الأزل وضع الإنسان القوانين والتشريعات حسب ما يظهر له من أحوال واحتياجات، ونظرا إلى أن احتياجاته محدودة ونظرته قريبة فكانت القوانين بدائية ومبسطة لكنها محترمة ومطبقة. وفي وقتنا الحاضر أصبح للأنظمة مشرعون ومتخصصون وللقوانين دارسون وباحثون يقومون بدراستها وتطويرها حسب المستجدات العصرية والاحتياجات البشرية والتأثيرات الممكنة للمخالفات على الوطن والمواطنين، ومع ذلك فإن العديد من الجهات الحكومية لا تزال تجد صعوبة في تطبيق الأنظمة بسبب عدم تعاون المستفيدين من هذه الجهات، والبعض يرى أن تسير الأمور كما عاش أجدادنا دون قوانين معقدة وأنظمة مقننة، ولا يوجد ضرر من استمرار هذا النهج. وفات على هؤلاء أن الحياة أصبحت أكثر تعقيدا، وأن متطلبات السكان أكثر تشعبا وتداخلا، وأن المدن تمددت وتطورت وازدحمت من جميع الأجناس والجنسيات والثقافات والأعراف والعادات، ولذا فإن الأنظمة والقوانين أصبحت لازمة لتحديد الحقوق والواجبات لكل السكان؛ ما يلزم معه وضع الآلية المناسبة لتطبيق هذه القوانين وعقوبات كافية لردع المخالفين. ومن المحزن استمرار عدم الالتزام بتطبيق القوانين والأنظمة بشكل تلقائي من العديد من المواطنين والمقيمين، بل العمل على تجاوزها بجميع السبل والطرق والتفنن في ذلك، مثل عدم احترام أنظمة المرور عند الإشارات والدوارات والتقاطعات، وبعض السائقين يرون المهارة في سبق الآخرين بغض النظر عن أولوية الطريق وأفضلية المرور. والكثيرون لا يعطون أهمية لتجديد الوثائق الرسمية مثل رخصة القيادة أو رخصة المركبة أو الفحص الدوري، ومثل ذلك مع المحال التجارية والمستودعات والمطاعم التي تخالف تعليمات الدفاع المدني فيما يتعلق بالوقاية والمكافحة للحرائق والإنذار منه وأنظمة البلديات فيما يتعلق بتشغيل هذه المناشط، وتجد الاهتمام بهذه التعليمات والأنظمة فقط عند تأسيس المحل أو تجديد الترخيص. ولا ننسى فاجعة العوائل في كيفية التعامل مع المرافق العامة والسلوكيات الخاطئة التي نراها في الحدائق العامة، كما تناوله ياسر عثمان في مشاركته في العدد (1136) الصادر الجمعة 20/2/2009 تحت عنوان (المحافظة على المرافق العامة سلوك حضاري).