لم يكن الطفل تركي ابن الأعوام التسعة يعلم أن وقفته في طابور الصباح لقراءة نشرة الأخبار الرياضية للأنشطة الداخلية لمدرسة طيبة الابتدائية في الرياض ستقوده إلى اعتلاء هرم الإعلام الرياضي العربي ويحجز له موقعا مميزا في سماء الإعلام. صدفة جعلته يقف متعملقا أمام «المايك» في الطابور المدرسي بدعم من مدرس النشاط اللامنهجي فهد الجمعان وهو في الصف الثالث الابتدائي لقراءة أخبار المنافسات الرياضية الداخلية كانت بمثابة بوابة الدخول إلى عالم الأضواء بموهبة وجدت شابا شجاعا يكافح ويناضل من أجل طموحه فقط. مراحل كثيرة مر بها الزميل تركي العجمة مقدم برنامج كورة على شاشة روتانا خليجية سكن المتاعب جزءا منها وسط إصرار وعزيمة عنونها بابتسامة تخفي خلفها نظرة تستشرق مستقبل النجاح البعيد المدى. وبين وقفة طابور الصباح وإطلالة شاشة روتانا خليجية عبر برنامج كورة يحلق الإنجاز الخارجي الأول الذي يمثل إحدى ثمار مجهودات تركي العجمة بوقوفه مع كوكبة من الأسماء اللامعة لتكريمها في ملتقى الشباب العربي الرابع بصفته حاصلا على جائزة الإعلام الرياضي. وإذا ما عاد شريط الماضي القريب فلا تزال الذاكرة تحتفظ بترشيح عبدالله المسواري مذيع القناة الأولى وعلي الظفيري مذيع قناة الجزيرة للعجمة ليتدرب على أيدي فريق العمل القادم من قناة العربية لتجهيز طواقم عمل قناة الإخبارية قبل انطلاقتها ليشق طريقه بسرعة البرق وينال أولوية أول مقدم نشرة أخبار رياضية متخصصة في التليفزيون السعودي عبر قناة الإخبارية بعد أن كانت الأخبار الرياضية تأتي عقب رحلة طويلة من الانتظار في نهاية النشرات الرئيسة. وعلى الرغم من شغف تركي العجمة، الذي يأتي ترتيبه في الوسط بين أخوته السبعة « 5 أولاد وبنتين»، بالإعلام إلا أنه الرابط الوحيد الذي يصل عائلته بالإعلام في ظل عدم وجود أي فرد من العائلة ينتمي إلى الوسط الإعلامي في الوقت الذي أحدثت فيه الرياضة انقساما عائليا تنافسيا حميما بين «هلاليين ونصراويين». وعلى الصعيد العملي يمارس العجمة مهنته الأساسية بعيدا عن الإعلام كموظف في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ليرسم شخصية متميزة في مجال آخر مما يجعل وقته مليئا بطموح الإنتاج اليومي دون أن يجد الوقت لممارسة أي هواية أخرى تقع ضمن دائرة اهتماماته. وسجل مذيع برنامج كورة تركي العجمة نجاحا لافتا في العديد من المحطات التي مر بها ابتداء من برنامج قضايا في الوسط على شاشة الإخبارية ومرورا بتقديم حفل اعتزال النجم ماجد عبدالله قائد فريق النصر والمنتخب السعودي الأول لكرة القدم سابقا، وحفل اعتزال نجم الوحدة حاتم خيمي ووقوفا عند تألقه في برنامج شاعر الملك وأخيرا برنامج كورة. ومن يتابع العجمة في ظهوره يدرك مدى حرصه على احترام ضيوفه والحيادية واحترام المنبر الذي يتحدث من خلاله إلى جانب حرصه الدائم على البعد عن التجريح الشخصي وضبط الأمور بالشكل المناسب وهو الأمر الذي انعكس خلال استضافته للعديد من الضيوف من مختلف الأطياف والشخصيات ومن أبرزهم الأمير عبدالله بن مساعد والأمير عبدالرحمن بن مساعد والأمير ممدوح بن عبدالرحمن والأمير الوليد بن بدر والأمير فيصل بن تركي والأمير تركي بن خالد والأمير نواف بن محمد والأمير نواف بن سعد والأمير فهد بن خالد ومنصور البلوي وقائمة طويلة من الشخصيات والأسماء اللامعة في الساحة الرياضية والذين يقف منهم جميعا على خط يبعد نفس المسافة المتساوية البعد. ولا يزال نجم الإعلام الرياضي العربي تركي العجمة يتذكر وعد الأمير عبدالرحمن بن سعود، يرحمه الهك، بالظهور معه في برنامج قضايا في الوسط وتمنيه إجراء ذلك اللقاء المنتظر إلا أن القدر كان أسرع من الوعد بعد أن فارق الرمز الراحل الحياة. ويتفق الجميع على أن العجمة صنع له اسما مميزا رغم الصعاب التي لم تثنه لحظة واحدة أو تثبط عزيمته خاصة في ظل عدم تفرغه التام للإعلام مما أفرز عن وجود شخصية إعلامية عاشقة للتحدي ديدنها الإخلاص المهني ونبراسها البحث عن الحقيقة وإيصالها كما هي دون تزييف أو تحريف وهو الأمر الذي ينعكس من خلال تقديره لجميع من ظهر معه في برنامج كورة أو خط بقلمه مقالا أو موضوعا يتحدث عن البرنامج أو العمل سلبا أو إيجابا في ظل إيمانه التام بأهمية النقد .